Fatawa al-Iraqi
فتاوى العراقي
پوهندوی
حمزة أحمد فرحان
خپرندوی
دار الفتح
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
۱۴۳۰ ه.ق
السلطان، ووعده بمالٍ للسلطان على ما يريده من الأعمال، ولم يكن معه مما وعد به شيء، ولا يجد سبيلاً إلى أداء ما وعد به إلّا بالاستدانة بنحو النصف مما وعد به، مع ما يحتاج إليه من شارة وزي وخدم وغيره، فتتضاعف من أجل ذلك عليه الديون، ويلازم أربابها، ولا جرم أنه يغمض عينيه ولا يبالي بما أخذ من أنواع المال، ولا عليه بما يتلفه في مقابلة ذلك من الأنفس، ولا بما يريقه من الدماء، ولا بما يسترقه من الحرائر، ويحتاج إلى أن يقرّر على حواشيه وأعوانه ضرائب، ويتعجّل منهم أموالاً، فيمدّون هم أيضاً أيديهم إلى أموال الرعايا، ويشرئبّون لأخذها بحيث لا يعفون ولا يكفون(١).
٣) غلاء الأطيان وذلك أن قوماً ترقّوا في خدم الأمراء، يتولّفون إليهم بما جَبوا من الأموال، إلى أن استولوا على أحوالهم، فأحبّوا مزيد القربة منهم، ولا وسيلة أقرب إليهم من المال، فتعدّوا إلى الأراضي الجارية في إقطاعات الأمراء، وأحضروا مستأجريها من الفلاحين، وزادوا في مقادير الأجر، فثقُلت لذلك متحصّلات موالهم من الأمراء، فاتخذوا ذلك يداً یمنّون بها إلیھم، ونعمةً يعدونها إذا شائوا علیهم، فجعلوا الزيادة ديدنهم في كل عام، حتى بلغ الفذّان لهذا العهد - أي أوائل سنة ثمان وثمانمائة - نحواً من عشرة أمثاله قبل هذه الحوادث. وتزايدت كلفة الحرث والبذر والحصاد وغيره، وعظمت نكاية الولاة والعمّال، ومُنعت الأرض زكاتُّها، وكانت الغلال معظمها لأهل الدولة أولي الجاه وأرباب السيوف، واستمر السعر مرتفعاً لا يكاد يُرجى انحطاطه، فخرُب بما ذكرنا معظم القرى، وتعطّلت أكثر الأراضي من الزراعة، فقلّت الغلال وغيرها مما تخرجه الأرض لموت أكثر الفلاحين وتشرّدهم في البلاد من شدة السنين وهلاك الدواب(٢).
وذكر المقريزي في كتابه ((إغاثة الأمة بكشف الغمّة)) أقسام الناس وبيان جمل من أحوالهم وأوصافهم، فقال:
(١) المقريزي، إغاثة الأمة ص ٤٣-٤٤.
(٢) المقريزي، إغاثة الأمة ص ٤٥-٤٦.
27