وسترت هذه الهفوة علي، ونجوت من قتلة مشبعة، كما كان يتهددني أبي عند كل زلة، وما كان أكثر زلاتي.
لم يسترح قرياقوس في تلك الجنة التي أبدعها، فلج الخصام بينه وبين جاره فتضاربا، وتلت تلك المضاربة إشاعة قامت لها الضيعة، وقعدت: طرحت
28
أم فارس، طرحها قرياقوس.
وجاء الآغا على رأس فصيلته يهز الكرباج، يتهدد ويتوعد، سوف يعمل ويسوي ... وقرياقوس ساكت لا يزيد على قوله: الحق يحق ... الله موجود.
إذا سمعت كلام قرياقوس ظننته رجلا تقيا مفكرا، مع أنه لا يحس إلا الساعة التي هو فيها، كان قليل الاتصال بالناس، لا يؤاسي ولا يسلي ولا يتوجع، كما قال بشار. وعاقبوه على هذه القطيعة، فلم يدفنوا ابنه الذي مات جوعا في زمن الحرب، فاستأجر من دفنه ودفع الأربعة بشالك أجرة نقل ودفن، أما التابوت فلم يعد في الحساب، فتابوت الإنسان ثيابه إن كان بقي عليه ثياب.
وجرى استنطاق قرياقوس في جو مكهرب، فريق يسانده وفريق يضغط عليه، ولكنه كان رابط الجأش، لا يزيد على قوله جوابا على كل سؤال: ما عندي علم ولا خبر.
نصب له الآغا فخاخا فلم يقع فيها، فصاح الآغا محنقا: فلقتنا
29
يا قرياقوس، أنت ملاك، أنت قديس، الله يرزقني شفاعتك - وقرع صدره كالمتعبد - ثم قال: هذا تحقيق، هذا طق حنك!
ناپیژندل شوی مخ