محكية، فأدغم الواو بعد قلبه تاء في تاء افتعل، كما أدغم اتعد وهو من الوعد، ولا يحسن أن يكون على لغة من قال: أَخذ، لأن افتعل إذا بني مما فاؤه همزة لا يدغم الفاء في التاء إلا على لغة رديئة حكاها البغداديون (١).
وقيل: أصله (إيتخذ)، فأدغم الياء بعد قلبه تاء في التاء، وذلك أن الهمزة قد انكسر ما قبلها فقلبت ياء صريحة، فصارت كالياء من ايتَسَرَ، فأدغم كما قال بعضهم: رُيَّا في رُؤْيا، فقُلبت الهمزة إلى الواو قلبًا لازمًا، فصار بمنزلة ما هو من الواو في أصل التركيب مثل: طَوْيًا في طَويتُ، فقُلب الواو وأدغم لاجتماع الواو والياء، فصار (رُيَّا) كما ترى، مثل طَويتُ طَيًّا، وذلك ضعيف لا يؤخذ به، والوجه أن يكون (وَخَذَ) لما ذكرت فاعرفه.
وهو فعل يتعدى إلى مفعولين، تقول: اتخذت زيدًا صديقًا، وفي التنزيل: ﴿وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا﴾ (٢). فـ ﴿الْعِجْلَ﴾: مفعول أول، والثاني محذوف تقديره: اتخذتم العجلَ من بعده - من بعد مُضِيِّه إلى الجبل - إلهًا أو معبودًا، وإنما حُذف للعلم به.
وقد يتعدى إلى مفعول واحد، تقول: اتخذت بيتًا، كما تقول: علمت بيتًا، وفي التنزيل: ﴿كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا﴾ (٣)، وفيه: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا﴾ (٤).
فإن قلتَ: هل يجوز أن يكون هنا من المتعدي إلى مفعول واحد؟ قلت: لا، لأن ظُلْمَهم أنفسَهم وما لحقهم من سَخَط الله وغضبه - أجارنا الله منه - إنما هو بسبب اتخاذهم العجل معبودًا لا لِصوْغِهِ.
﴿وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ﴾: في موضع نصب على الحال من ﴿اتَّخَذْتُمُ﴾ (٥).
(١) قالوا في (ائتمن): اتَّمَنَ. عن ثعلب، وهي لغة نادرة. انظر اللسان (أمن).
(٢) سورة النساء، الآية: ١٢٥.
(٣) سورة العنكبوت، الآية: ٤١.
(٤) سورة البقرة، الآية: ١١٦.
(٥) يعني من المضمر في (اتخذتم).