وقد أشرنا هنا وفي أول المسألة (1) إلى: عدم جواز الخوض لاستكشاف الأحكام الدينية، في المطالب العقلية، والاستعانة بها في تحصيل مناط الحكم والانتقال منه إليه على طريق اللم، لأن انس الذهن بها يوجب عدم حصول الوثوق بما يصل إليه من الأحكام التوقيفية، فقد يصير منشأ لطرح الأمارات النقلية الظنية، لعدم حصول الظن له منها بالحكم.
وأوجب من ذلك: ترك الخوض في المطالب العقلية النظرية لإدراك ما يتعلق بأصول الدين، فإنه تعريض للهلاك الدائم والعذاب الخالد، وقد أشير إلى ذلك عند النهي عن الخوض في مسألة القضاء والقدر، وعند نهي بعض أصحابهم صلوات الله عليهم عن المجادلة في المسائل الكلامية (2).
لكن (3) الظاهر من بعض تلك الأخبار: أن الوجه في النهي عن الأخير عدم الاطمئنان بمهارة الشخص المنهي في المجادلة، فيصير مفحما عند المخالفين، ويوجب ذلك وهن المطالب الحقة في نظر أهل الخلاف (4).
مخ ۶۴