بتحريم شئ غير محرم واقعا، فرجح استحقاق العقاب بفعله، إلا أن يعتقد تحريم واجب غير مشروط بقصد القربة، فإنه لا يبعد عدم استحقاق العقاب عليه مطلقا أو في بعض الموارد، نظرا إلى معارضة الجهة الواقعية للجهة الظاهرية، فإن قبح التجري عندنا ليس ذاتيا، بل يختلف بالوجوه والاعتبار.
فمن اشتبه عليه مؤمن ورع عالم بكافر واجب القتل، فحسب أنه ذلك الكافر وتجرى فلم يقتله، فإنه لا يستحق الذم على هذا الفعل عقلا عند من انكشف له الواقع، وإن كان معذورا لو فعل.
وأظهر من ذلك: ما لو جزم بوجوب قتل نبي أو وصي، فتجرى ولم يقتله.
ألا ترى: أن المولى الحكيم إذا أمر عبده بقتل عدو له، فصادف العبد ابنه وزعمه ذلك العدو فتجرى ولم يقتله، أن المولى إذا اطلع على حاله لا يذمه على هذا التجري، بل يرضى به وإن كان معذورا لو فعل.
وكذا لو نصب له طريقا غير القطع إلى معرفة عدوه، فأدى الطريق إلى تعيين ابنه فتجرى ولم يفعل.
وهذا الاحتمال حيث يتحقق عند المتجري لا يجديه إن لم يصادف الواقع، ولذا يلزمه العقل بالعمل بالطريق المنصوب، لما فيه من القطع بالسلامة من العقاب، بخلاف ما لو ترك العمل به، فإن المظنون فيه عدمها.
ومن هنا يظهر: أن التجري على الحرام في المكروهات الواقعية أشد منه في مباحاتها، وهو فيها أشد منه في مندوباتها، ويختلف باختلافها ضعفا وشدة كالمكروهات، ويمكن أن يراعى في الواجبات الواقعية
مخ ۴۲