ويجعلونه عاصبا فِي الْكل إِذا لم يكن وَارِث غَيره وَغَيرهم من الْفُقَهَاء يجعلونه إِذا انْفَرد وَارِثا السُّدس بِالْفَرْضِ ولسائر المَال بِالتَّعْصِيبِ فَكَأَن هَذَا اخْتِلَاف لفظ وَالْمعْنَى وَاحِد وَكَذَلِكَ قَالَ بعض أَئِمَّتنَا مِنْهُم أَبُو عمر ﵀
وَلَيْسَ هُوَ عِنْدِي إِلَّا اخْتِلَاف بعيد معنى ويثير حكما وسنبين هَذَا الِاخْتِلَاف وَفَائِدَته بعد الِاحْتِجَاج للقولين جَمِيعًا وتبيين أصل كل قَول من الْكتاب وَالسّنة بعون الله تَعَالَى
أما قَول من قَالَ إِن الْأَب برث الْكل بِالتَّعْصِيبِ وَأَنه لَا فرض لَهُ إِلَّا مَعَ الْوَلَد فحجتهم دَلِيل الْخطاب وَمَفْهُومه وَهُوَ أصل عِنْد الشَّافِعِيَّة وَلَا يلْتَفت إِلَيْهِ الْحَنَفِيّ وَلَا الظَّاهِرِيّ وَمَالك ﵀ يَقُول بِهِ على تَفْصِيل يطول ذكره وَقد صرح بالْقَوْل بِهِ فِي موطئِهِ فِي غير مَوضِع
وَدَلِيل الْخطاب الَّذِي تعلقوا بِهِ فِي هَذِه الْمَسْأَلَة قَوْله تَعَالَى ﴿ولأبويه لكل وَاحِد مِنْهُمَا السُّدس مِمَّا ترك إِن كَانَ لَهُ ولد﴾ فعلق حكم الْفَرْض بِوُجُود الْوَلَد وَإِذا تعلق الحكم بأخد الوصفين فَهُوَ مُنْتَفٍ عِنْد عدم الْوَصْف فَلَا فرض لَهُ إِذا عِنْد عدم الْوَلَد وَإِنَّمَا هُوَ عاصب
الْجَواب عَن هَذَا أَنا إِذا سلمنَا لَهُم دَلِيل الْخطاب فلقائل أَن يَقُول عنما يتَعَلَّق الحكم فِي القَوْل بِدَلِيل الْخطاب إِذا كَانَ أحد الوصفين منطوقا بِهِ وَالْآخر مسكوتا عَنهُ كَقَوْلِك أعْط زيدا إِن كَانَ ذَا عِيَال فههنا نَص وَدَلِيل أما النَّص فووب الْعَطاء وَأما الدَّلِيل فَيَقْتَضِي النَّهْي عَن الْعَطاء مَعَ عدم الْعِيَال وَعدم الْعِيَال مسكوت عَنهُ وَلكنه مَفْهُوم الْخطاب فَأَما مَا كَانَ منطوقا بِهِ فَلَا يكون مَفْهُوم الْخطاب كَقَوْلِك أعْط زيدا إِن كَانَ ذَا عِيَال دِينَارا وَإِن لم يكن ذَا عِيَال فأعطه نصف دِينَار فَغير جَائِز دَلِيل الْخطاب هَهُنَا وَقد علق بِكُل وصف حكما وَكَذَلِكَ الْآيَة لِأَنَّهُ قَالَ ﴿لكل وَاحِد مِنْهُمَا السُّدس مِمَّا ترك إِن كَانَ لَهُ ولد﴾ فَهَذَا نَص ثمَّ عطف
1 / 95