فرح انتون: ژوند - ادبیات - د هغه د کارونو لنډیز
فرح أنطون: حياته – أدبه – مقتطفات من آثاره
ژانرونه
فطاوعه كليم على ذلك، فأخذا البندقيتين وسارا وقد تركا بطرس في الأرز في أحسن رفقة على أن يعودا في المساء، وكان اتجاههما إلى جهة الشرق نحو رأس القضيب وراء الأرز؛ وهو جبل مشرف عليه، وعلوه نحو تسعة آلاف متر عن سطح البحر، وهو مقابل لفم الميزاب الذي يعلوه ألف قدم. (11) الوحش! الوحش! الوحش!
ملك رأس القضيب وفم الميزاب
وقطع الرفيقان المسافة بين الأرز وسفح الجبل يصطادان ما يجدانه، فأصابا غرابين وثعلبا، وبينما كانا واقفين على أحد الرعاة يحلب لهما لبنا إذا بالراعي صفر صفيرا شديدا، فهبت كلابه كالبرق الخاطف، ثم أشار الراعي إلى سفح الجبل وقال: أنظرتما ذلك الذئب؟
فأبصر الرفيقان حينئذ شبحا بعيدا هيئته كهيئة الكلب يثب من صخرة إلى صخرة في سفح الجبل.
فشرب سليم وكليم لبن الشاه على عجل ثم اتجها نحو الذئب.
وكانت الشمس قد ظهرت حينئذ من وراء تلك الجبال العالية، فصار الجبل يدخن من تأثير حرارتها، فضحك كليم وقال: اصعد فهذا طور سيناء يعممه الضباب، فقال سليم: لا تشغلنا بالمزاح الآن وإلا فاتنا الذئب. ويظهر أن الذئب قد رآهما؛ لأنه أخذ يعدو عدوا سريعا موغلا في الجبل، فجد سليم وكليم في طلبه وهو تارة يظهر وطورا يغيب، واستمرا على ذلك نحو نصف ساعة حتى كلت قواهما، وكان الذئب يتلفت ثم يجد في العدو فيخيل لهما حين لفتته أنه يضحك منهما ويقول لهما: أراه غباري ثم قال له الحق.
ولكن هذا الطراد لم يستمر وقتا طويلا، فإن الضباب كان قد تكاثف على الجبال المجاورة، وصارت الريح تسفيه نحو سليم وكليم، فلم يمض ربع ساعة حتى أقبل عليهما مسرعا، فقال سليم: هذه مصيبة ما كانت في الحسبان. وفي الحقيقة إنه مصاب ذو شأن، فإن الضباب غطى الجبل وأحاط بهما من كل جانب، فلم يعودا يعرفان الطريق، وكانا قد قطعا ثلثي الجبل والذئب أمامهما، ولا تخلو تلك الأماكن المقفرة من غيره من الوحوش، فصارا يسيران رجوعا على غير هدى، راضيين من الغنيمة بالإياب سالمين من مفاجأة الوحوش والذئاب؛ لأنهما كانا لا ينظران شيئا أبعد من عشرين قدما، فأشبها في هذه الحالة رجلين مكتوفين ملقيين لسباع البر؛ لأن سلاحهما وأيديهما التي كانا يعتمدان عليها لم تعد تجديهما نفعا، وبذلك صارا ضعيفين كطفلين.
وكانا من حين إلى حين يطلقان بندقيتيهما في الفضاء إرهابا وإبعادا للوحوش عنهما.
وبينما هما سائران كعميان يتلمسون الطريق وقد تكاثف الضباب فيها حتى لم يعد يرى أحدهما موضع قدمه، إذ هوت أقدامهما في واد صغير، فسقطا وانطلقت البندقيتان في سقوطهما، ولولا رحمة الله لقتلتاهما، ولكنهما لم يكادا ينهضان مترضضين حتى سمعا طلقا ناريا قريبا منهما في بطن الوادي، وصائحا يصيح بصوت أجش: «الوحش الوحش الوحش!»
فانقطعت حينئذ أنفاسهما وجمدا في مكانهما يتوقعان أمرا جديدا.
ناپیژندل شوی مخ