فرح انتون: ژوند - ادبیات - د هغه د کارونو لنډیز
فرح أنطون: حياته – أدبه – مقتطفات من آثاره
ژانرونه
الشبان وخطرهم وما يجب لهم
نود قبل الكلام عن هذا الموضوع أن نقول كلمة بشأن ما ننشره في هذا الباب، وهي أننا لا نستطيع أن نقول كل ما يجب أن يقال في هذا الموضوع؛ لأن التفصيل والإسهاب من شأن الكتب والمؤلفات المطولة، ونحن لا نستطيع هنا إلا الإشارة، إشارة إلى أهم مسائل التربية، لئلا يستغرق هذا الباب أبواب «الجامعة» الأخرى. فنحن إذا إنما نكتب هنا للأدمغة الناضجة والنبهاء والنبيهات الذين يكفي أن تعرض على أفكارهم الثاقبة عبارة واحدة في أحد المواضيع، فتنفتح بها في أذهانهم أبواب عالم جديد لم يكونوا قد أبصروه أو التفتوا إليه. أما الذين لا يفهمون الأمور إلا إذا فصلت لهم تفصيلا مملا، وبسطت لم تبسيطا كليا، فإنا نشير عليهم ألا يقرءوا هذا الكلام.
والآن نعود إلى الموضوع: نريد بخطر الشبان حالتين يوجد الشاب فيهما؛ الحالة الأولى: تسليم الطبيعة إليه قياد نفسه، والثانية: نزوله إلى العالم.
أما الحالة الأولى، فنريد بها بلوغه سن الرجولية، فإن الشعور الجديد الذي يشعر الشاب به يومئذ إذا لم يحكم عليه، ويصرف أمياله في طريق الخير، أضاع نفسه وأضاع مستقبله معه، فضلا عن جنايته على نسله، وعلى الفضيلة والأدب العام. ومن أنعم النظر وجد أن الآباء والأمهات قلما يلتفتون إلى العناية بأولادهم من هذا القبيل، فإنهم يتركونهم وشأنهم دون مراقبة، وربما تركوهم بلا عمل أيضا، فهنالك الطامة الكبرى؛ لأن «رأس البطال مخزن الشيطان.» كما يقول المثل، والبطالة آفة الآفات، ولا سيما في هذا الشأن الذي نبحث فيه تلميحا لا تصريحا.
وقد وصف جان جاك روسو لهذا الداء دواء نراه ناجعا، وهو أن تشغل أوقات الفتى كلها بما يلهيه عن أمياله الجديدة، وذلك بالصيد في البر والبحر، فإن الصيد لذة، وإذا وجد بإزاء الولد من يحثه عليها ازداد رغبة فيها، ولكن يشترط إبقاء الفتى تحت المراقبة الشديدة ليلا ونهارا، وإخماد ثورة عواطفه الجديدة بالاعتدال حتى بالمأكل والمشرب، وبإبعاده عن المجتمعات التي تثير عواطفه، وتزيدها هياجا واضطراما. وهذا الدواء موضوع لأبناء الأغنياء البطالين.
وليعلم الآباء والأمهات أن مستقبل أولادهم، بل حياتهم نفسها قد تكون متوقفة على هذه المسألة. وننصح لهم ألا يهملوا ذلك، فإنهم إذا أبصروا فتاهم حين دخوله في سن البلوغ قد أخذ ينحل ويتغير لونه؛ فليبحثوا وليسعوا جهدهم إلى معرفة السبب منه نفسه، وليبينوا له الخطر الصحي والأدبي الذي يلقي فيه نفسه ونسله من بعده، وذلك باستسلامه إلى أمياله الجديدة.
وأما الخطر الثاني؛ وهو نزول الشاب إلى العالم، فيمكن اجتنابه بأمر واحد، وهو أن يبقى الولد تحت جنحي أبيه وأمه، فلا يسمح له بالاستقلال بأعماله، وعلى الخصوص بالسفر إلى بلاد أخرى بعيدة، إلا متى رسخت أخلاقه، وثبتت أمياله، واشتدت ألواحه، وأصبح لا يخشى عليه من أن يسقط في تجربة، أو أن يحيد عن الطريق القويم والصراط المستقيم.
هذا ما نقوله الآن في خطر الشبان، وإنما اختصرناه لننتقل إلى البحث التالي؛ وهو نسبة الشبان من الأمة، وماذا يجب لهم.
شبان الأمة هم منها بمثابة دمها، فإذا كان هذا الدم صحيحا نقيا كان جسم الأمة صحيحا قويا، وإذا كان فاسدا كان جسمها ضعيفا سقيما. ولا ننكر أن الكهول والشيوخ - ولا سيما من العلماء والكتاب - لا تنضج مواهبهم إلا بالشيخوخة وتكرار الأيام، فيكونون في آخر عمرهم أكثر فائدة مما كانوا في أواسطه أو في أوائله، ولكن هذه أمور نادرة شاذة، وإنما القياس الصحيح والقاعدة المطردة هما أن قوة الأمة تكون بقوة شبانها؛ أولا: لأن كل عظائم الأمور السياسية والعسكرية والتجارية والصناعية والزراعية يكون الشبان أقدم عليها من الشيوخ، وثانيا: لأن هؤلاء الشبان سيسمون شيوخا، فإذا كانوا أقوياء في شبابهم من الوجه الأدبي ازدادوا قوة في شيخوختهم، فقوتهم إذا تشتمل على قوتين: قوتهم في الحاضر، وقوتهم في المستقبل؛ لذلك قلنا إنهم من الأمة بمثابة دمها، إذا صح صحت، وإذا فسد فسدت.
وإذا كان الشبان هم دم الأمة، كما قدمنا، ومدار صلاح حالها، وجب أن تكون العناية بهم فوق كل عناية. ولا خلاف في أن كل أمة تعنى بتربية شبانها، ولكن عقدة المسألة هي الطرق التي تجري هذه العناية عليها؛ فالشبان في فرنسا يشبون وغايتهم العظمى نيل الشهادة الأدبية أو العلمية والاستخدام في الحكومة، بخلاف إنكلترا، فإن هم مدارسها مصروف إلى تعليم شبانها العظمة والإقدام وحب المعيشة الحرة. فلنبحث ما هي الطريقة المثلى للعناية بالشبان.
ناپیژندل شوی مخ