فرح انتون: ژوند - ادبیات - د هغه د کارونو لنډیز
فرح أنطون: حياته – أدبه – مقتطفات من آثاره
ژانرونه
فالتفت مخلوف إلى القادم وهو ينشد حسب عادته:
جننا بليلى وهي جنت بغيرنا
وأخرى بنا مجنونة لا نريدها
ولكن ما وقع نظره على القادم حتى جمد في مكانه كأنه صنم أصم، ولولا تقليبه عينيه في الرجل القادم لظن رفاقه أنه فارق الحياة وهو قائم على قدميه.
وبعد هذا الجمود برهة أسرع مخلوف وعينه تستطير شررا، فنزل عن الأكمة ووقف على الطريق، فلما وصل إليه الراكب صاح مخلوف صيحة كعواء الكلاب والذئاب، وقال: هذا هو! ثم أطبق على لوقا فأخذ به وشده، فألقاه عن جواده على الأرض كالجذع الممدود وبرك فوقه.
فهجم حينئذ المكاري وسليم وكليم ليرجعوه عنه، فكان مخلوف يصيح كالوحش والزبد على شدقه: لا يرجعني عنه أحد غير الله ... قد أهلكني ... قد حرمني حياتي ... لولاه لما فرت حبيبتي ... الانتقام ... الانتقام!
وكان عند كل كلمة من كلامه يضرب لوقا بقبضته ضربا شديدا وهو كالجمل الهائج، وناهيك بغضب المجانين، فأسرع الناس من جهات الأرز على صوته عشرات عشرات، ومئات مئات، فتكاثروا عليه وأنهضوه عن خصمه بعد جهد شديد، فانقلب مخلوف من الغضب على خصمه إلى الغضب على نفسه وهو في أشد حالات الجنون، فتناول حجرا وصار يضرب به نفسه، ويلقي نفسه على الأرض ويقوم وهو يهذي بهذا الكلام: مسكتك يا ظالم ... دعوني معه لأحاسبه ... مضت سنوات وأنا أفتش عنه ... هل يموت حق حبيبتي؟ ابعدوا وإلا قتلتكم كلكم ... اليوم يوم الثأر ... يا إلهي، أرسل الآن صواعقك إذا كنت عادلا ... صاعقة واحدة فقط ... تقتلني وتقتله.
وكأن الله أجابه إلى طلبه في هذه الساعة؛ فإن الناس الذين كانوا يمنعون عنه فريسته تركوها وأجفلوا راجعين القهقرى إجفال العصافير حين ظهور الباشق؛ ذلك أنهم شهدوا أمامهم مشهدا مريعا، فإن وحشا بشريا هائل المنظر كان قادما نحوهم وفي يده بندقية.
فالتفت سليم وكليم وصاحا: هذا صاحبنا. ما جاء به؟
أما مخلوف فإنه لم يهمه شيء من كل ذلك، بل إنه لما رأى الجموع قد فرت من وجهه وتركت الخواجة لوقا وحده مشغولا بإصلاح ملابسه؛ هجم عليه كالذئب وأخذ بخناقه.
ناپیژندل شوی مخ