في آلاته التي ستتطور لتصبح الكمبيوتر الذي نتعامل معه بهذه العادية كجزء طبيعي ومعتاد ومتوقع من حيواتنا. كيف فكر في تصميمها؟ وما الذي جعله يعتقد أنها ممكنة للدرجة التي حمسته بما يكفي لكي يتم ما أتم؟ يمكن للكثيرين الآن أن يقوموا بتجميع جهاز حاسب شخصي بسهولة، لكن هذا لا يعني أنهم يفهمون حقا كيف يعمل، لا يعني بالتأكيد أنهم لو عادوا بمعجزة ما بالزمن فسيكونون قادرين على تكرار ما بدأه آلان تيورنج. جزء مني يحس أن ما فعله هو مستحيل تماما وغير منطقي، لكني أراه الآن وأستخدمه، وهذا يشعرني بالضآلة، ويجعل جزءا مني دائما يشك فيما أعتقده؛ ما أظن أنه ممكن وما أظن أنه غير منطقي.
كنت أشاهد فيلم
The Imitation Game
الذي يروي جزءا من حياة آلان تيورنج، وأفكر من أي طينة تتكون العبقرية. لماذا لا نستطيع أن نفعل ما يفعله هؤلاء الأفذاذ؟ هل هي الوراثة؟ هل هو العمل الشاق؟ هل هي المعرفة؟ هل هو الشغف؟ هل يمكن أن تقرر أن تكون عبقريا؟ أشك في ذلك. لكن يمكنك أن تعمل بأقصى ما تستطيع، وقد تتمكن حينها من أن تحقق أشياء عظيمة.
في التاريخ نقرأ عن هؤلاء الرجال الذين يوسعون العالم بطرق لا يمكننا أن نتخيلها؛ يثورون على ما يعتقد عامة الناس من أمثالي أنه طبيعي، وممكن، وعادي، وغير قابل للتغيير. أحيانا يختفي هؤلاء الرجال بيننا، لا نعرفهم إن قابلناهم في الطريق، ربما لا نعتقد أنهم يستحقون أن ننظر لهم نظرة ثانية؛ إن سمعناهم فقد نصفهم بالغباء، أو بنقص في العقل، دون أن نعلم أن النقص والغباء في عقولنا نحن، وكما يقول الفيلم: «أحيانا الأشخاص الذين لا نتوقع منهم أي شيء هم من يقومون بالعمل الذي لا يمكن لأحد أن يتخيل إمكانه.»
2
يقول والتر إيزاكسون عن أينشتاين (في كتابه: «أينشتاين: حياته وعالمه»/ترجمة: هاشم أحمد محمد):
جاء نجاحه من تشكيكه في المنطق السائد، وتحديه للسلطة، ووقوفه مذهولا أمام ألغاز رآها الآخرون أمورا عادية مألوفة لدرجة الابتذال، وأدى به هذا إلى اعتناق أخلاقيات وميول سياسية قائمة على احترام العقول الحرة، والأرواح الحرة، والأشخاص الأحرار؛ فقد كان يبغض الطغيان، ولم يكن يرى في التسامح فضيلة مستحبة فحسب، بل شرطا ضروريا للمجتمع المبدع، وقال: «من المهم أن نشجع الفردية؛ لأن الفرد وحده قادر على أن يبتكر الأفكار الجديدة.»
هذه النظرة جعلت أينشتاين متمردا يقدس تناغم الطبيعة؛ شخصا لديه المزيج الصحيح من الخيال والحكمة لتغيير مفهومنا للكون. وهذه الصفات لها أهميتها في هذا القرن الذي تسوده العولمة، والذي يعتمد نجاحنا فيه على قدراتنا الإبداعية، كما كان لها أهميتها في مطلع القرن العشرين عندما ساعد أينشتاين في مولد العصر الحديث.
علماء فيزياء أفذاذ لم يتمكنوا من استيعاب أو تقبل الأفكار الثورية لأينشتاين، ولسخرية القدر لم يتمكن أينشتاين نفسه - فيما بعد - من تقبل الأفكار الثورية التي قدمتها نظرية الكم التي كان أحد روادها الذين مهدوا لها الطريق، يقول هو عن ذلك: «جعلني القدر سلطة ليعاقبني على احتقاري للسلطة.»
ناپیژندل شوی مخ