وبناء عليه يمكن أن يقطع الجسم من أحد أبعاده، ولو بالعقل إن لم يتيسر ذلك بالفعل، فيمكنا أن ننصف - بالعقل - الفوتون، ثم أن ننصف كلا من نصفيه، وهكذا دواليك إلى ما شاء الله، ما دام للفوتون قوام مادي ذو أبعاد.
إذن فالمادة قابلة التجزئة إلى ما لا نهاية، أو هي مؤلفة من جسيمات لا نهاية لها في الصغر، هذه هي اللانهاية الأولى. (2) اللانهاية المكانية
علمنا أن عالمنا الحالي تألف في الأصل من فوتونات ضويئات كانت تملأ حيزا عظيما في الفضاء، وعلمنا أن الذرات ثم السدم تجمعت من هذه الفوتونات بفعل خاصتين من خواصها، وهما التجاذب والتداور - الدوران. وهذا يستلزم أن هذه الجسيمات والأجسام تشغل حيزات محدودة، وبالتالي نفهم أن بينها رحابا مختلفة السعة والمدى.
فجميع الأجرام من كواكب وشموس وكوكبات ومجرات تتداور في الفضاء بعضها من حول بعض حسب سنة الجاذبية، وبحسب هذه السنة نفسها تتقارب الأجسام والأجرام، وبمقتضاها ينبغي أن تطبق بعضها على بعض، ولكن هناك عاملا آخر يصد هذا الإطباق؛ ففيما كانت ذريرات المادة تتجمع وتتكاثف، كانت كلما تلبدت في مكان تنطبق الكهيربات على الكهارب، فتتنافى كهربتاها الإيجابية والسلبية وتتفتتان إلى فوتونات لا شحنة كهربائية فيها، وتنطلق إشعاعا في الفضاء بشكل حرارة ونور كما هو معلوم - وقد شرحنا هذا في كتابنا «عالم الذرة».
وبهذا الإشعاع يصغر حجم الجرم فتضعف قوة جاذبيته لغيره، واستمرار عملية الإشعاع في كل الأجرام يضعف قوة الجاذبية العامة، فتقوى الدافعية
Centrifugal Force
أي قوة الابتعاد عن المركز، وهذا الابتعاد، يئول إلى تباعد الأجرام والمجرات بعضها عن بعض، وهذا هو الواقع المشاهد الآن في الأرصاد الفلكية كما أثبته الفلكي الكبير «هوبل» مدير مرصد جبل ويلسن.
فالمشاهد الآن أن الكرة الكونية العظمى - مجموعة المليوني مجرة - الشاملة جميع الأجرام والمجرات تتمدد وتتسع على نحو تمدد فقاعة رغوة الصابون إذا نفخت فيها؛ أعني أن الحيز الذي تشغله العوالم المادية الآن ينتفخ على حساب الفضاء الفارغ، فإذا استمر هذا الانتفاخ فإلى أي حد يبلغ؟ هل هناك حد يصده؟ وإن كان هناك حد فما وراء ذلك الحد؟ بعبارة أخرى هل للفضاء الحالي مدى محدود يشتمل الأجرام الشاردة فيه؟ وماذا وراء فسحة الفضاء؟ وهل لها وراء؟ وما وراء هذا الوراء؟ يمكننا أن نسأل هذا السؤال إلى الأبد ولا ننال جوابا؛ لأننا لا نقدر أن نتصور لهذا الفضاء بداية ولا نهاية مهما تطوح تخيلنا في استقصائه.
هذه هي اللانهاية الثانية الخاصة بالمكان - الحيز - الفضاء. (3) اللانهاية الزمانية
علمنا فيما تقدم أن العوالم المادية تكونت من تجمع الفوتونات التي هي ذريرات أيثرية كما يظن، ثم جعلت أجرامها تتقلص بفعل الجاذبية والدوران، وهذا التقلص أفضى إلى انضغاط ذريراتها، وانطباق إلكتروناتها على بروتوناتها، وتفتتها إلى فوتونات تنطلق في الفضاء تشععا. وفي الوقت نفسه كانت الرحاب بين السدم والأجرام تتسع، فتضعف الجاذبية بينها وبالتالي تتباعد، ومنطقة الوجود المادي تنتفخ؛ يعني فيما كانت الذرات في الجرم الواحد يضغط بعضها بعضا وتشع فوتونات، كانت الوحدات السديمية والجرمية تتباعد.
ناپیژندل شوی مخ