في كتابنا عالم الذرة شرحنا كيفية تكون الجزيئات من ذرات مختلفة شرحا كافيا. فليراجع هناك.
في المركبات المعدنية لا تتجاوز ذرات الجزيء بضع عشرة، ولا تبلغ هذا العدد إلا في النادر، ولكن المركبات العضوية «النباتية والحيوانية» تبلغ ذرات بعض جزيئاتها بضع مئات، وسنلم بها في موضعها. •••
رأينا فيما تقدم أن الجزيء مركب من ذرات، والذرة من بروتونات وإلكترونات، وهذه من فوتونات؛ أي: إن التجمع هنا خطا ثلاث خطوات، والائتلاف في كل منها شديد بحيث إن المركبات متماسكة في الجزيء الواحد تماسكا متينا، يجعلها متمايزة غير ملتبسة في التجمع الأكبر الذي يتألف منها كما سترى. (2) الدرجة الثانية: تجمع التجمع
يعتبر الجزيء نظاما تاما قائما بنفسه مستقلا بتحركه، وبين عناصره تجاذب تام قوي يحفظ كيانه، وإنما يحتمل أن يتفاعل مع جزيء آخر أو أكثر، فينشأ من تفاعلهما جزيء جديد أو جزيئات جديدة أو أكثر، ولكن مهما حدث من التفاعل؛ فلا بد من تجمع الذريرات في جزيئات إلا نادرا - في بعض العناصر الراسخة كالأرجون. وكذلك لا بد من ارتباط البروتونات بالإلكترونات، إلا حيث كان الضغط شديدا محدثا فوضى.
فالتجمع الراسخ هو تجمع الفوتونات في الجزيء على 3 درجات كما رأيت. هنا قوى التجاذب أشد جدا منها في التجمعات التالية. (2-1) التكتل
الجزيئات، والذرات التي لم تتألف بعد في جزيئات، أو لم يتيسر لها هذا التآلف، وإن كانت مستقلة بنظامها الداخلي، فنظامها هذا لا يمنع أنها تنتظم في نظام آخر أعم وأكبر، بحيث لا يستطيع أي جزء - أو أية ذرة - أن يستقل بحيزه استقلالا تاما بين ملايين أوربوات الجزيئات المجاورة له، ما دام متحركا - دائرا - في حيزه ككل جزيء غيره، وما دام البحر الأيثري يتموج بحركة كل جزيء وتصادم أمواجه كل جزيء.
فالجزيئات والذرات، بتداخل هذه الحركة الموجية، مختلطة الحيزات متبادلتها متجاذبة متدافعة حسب سنة الجاذبية؛ لذلك وهي تتكون تحتشد في حيز أكبر متجاذبة إلى مركز واحد مزدحمة حوله ازدحاما تتوقف شدته: (1) على عدد الذرات التي تتجاذب متكتلة في كتلة واحدة مستقلة عن كتل أخرى مثلها، يفصل بينها حيزات رحيبة. (2) على قربها إلى المركز. وهذا الزحام هو سبب الضغط الذي أشرنا إليه آنفا، وهو يساوي عدد ذرات الكتلة مقسوما على الشعاع - نصف القطر - ذ/ش، ونسبه في مناطقه كمربع البعد؛ فكلما كان عدد الذرات عظيما والشعاع قصيرا كان الضغط أشد، وإذا راعينا الزمان في أمر هذا الزحام كما راعينا المكان أدركنا أن الضغط لا يستمر على وتيرة واحدة، بل يشتد رويدا رويدا حول المركز، وباشتداده تتآلف ذرات وجزيئات جديدة كثيرة البروتونات، كما أنه تتفتت جزيئات أخرى وتتيه إلكتروناتها بلا نظام.
حين تتكون الذرات والجزيئات في أثناء هذا التكتل الذي نحن بصدده يحدث هذان التجمعان متعاصرين، فقد لا يسبق أحدهما الآخر، وإن كان ثمت سبق فهو لتكون البروتونات والإلكترونات، ولا يلبث أن يليه الشروع بالتكتل، وفيما يكون التجمع الأول والتجمع الثاني - تجمع التجمع - حادثين لا يفرغ الحيز من فوتونات غير متيسر لها التجمع بسبب عرقلة التجمعات الأخرى لها.
فالسدم المنفصلة بعضها عن بعض هي التكتلات التي نصفها ونعلل وجودها أو نشأها، وهي في أول عهدها مؤلفة خليطا من بروتونات مجردة من إلكتروناتها، ومن إلكترونات منفصلة عن بروتوناتها، ومن ذرات تامة التكون، ومن جزيئات تامة التكون أيضا، ومن فوتونات حائرة لم تتألف بعد، وكلما تقادم عهد السديم ازداد عدد جزيئاته وذراته، وقل عدد بروتوناته المجردة وإلكتروناته التائهة وفوتوناته الخائرة. (2-2) تكتل التكتل
الكتلة المتكونة على هذا النحو، المستقلة بحيزها، المنفصلة من جاراتها، تكون نظاما تاما قائما بنفسه ذا مركز تتجاذب ذراته إليه من كل ناحية، ومحور تدور حوله حسب سنة التسارع.
ناپیژندل شوی مخ