ومن أشد العوامل الاقتصادية الحديثة فعلا هو زيادة السرعة باستمرار في جميع ناظمات الحوادث، ويشتق تأثيرها من السنن العلمية التي لا يخلو ذكرها من فائدة.
تقوم معادلات الكون الكبرى على الحركة، أي القوة، وعلى مقاومة الحركة، أي السكون، أعني: خاصية المادة الجوهرية.
وتدل المعادلة الميكانية الأساسية
1
على ما للجرم والسرعة من شأن متقابل، وعلى الوجه الذي يقوم به كل من هذين العنصرين مقام الآخر من غير تغيير في النتيجة، ومن الممكن إذن أن يحل صغر الأجرام محل زيادة سرعتها، ومن ذلك أن قام تقدم المدفعية على إحلال القنابل الصغيرة ذات السرعة العظيمة محل القنابل الضخمة ذات السرعة الضعيفة.
وقد بينت في كتاب آخر أن من الممكن تصور آلة نظرية مؤلفة من كرية دقيقة تدور في دائرة فص خاتم، فتنتج بسرعة دورانها حول المركز من القوة ما يعدل قوة ألف قاطرة بخارية.
ويتم إحلال السرعة محل الجرم في الصناعة مقدارا فمقدارا، ففي الماضي كانت تستخدم دواليب ضخمة ذات محور عمودي يدور بالمياه الجارية، وفي الزمن الحاضر تتخذ المصانع المائية القائمة في أسفل الجبال دواليب يبلغ قطرها بضعة سنتيمترات فقط، ولكن مع تزويدها بحركة دورانية سريعة جدا، فينال الإنتاج نفسه بفصل ارتفاع الحوض الذي يمدها.
وإلى زمن قريب كانت سرعة الآلات محدودة جدا ما قامت المحركات على قوة الإنسان والحيوان والريح والماء فقط.
ولما اكتشفت الطاقة المحركة الكامنة في الفحم الحجري زادت سرعة الآلات وعددها زيادة عظيمة، فبالنظام الآلي ظهر عصر السرعة، أجل، استمرت المصانع على استخدام عدد من العمال المنظورين، ولكنه يعمل بجانبهم جمع من العبيد الخافين الذين يزيدون الإنتاج زيادة هائلة، ويتألف هذا الجمع من القوى المستخرجة من الفحم الحجري، وفي كتاب «المعارف النفسية حول الحرب» بينت أن ما ينتجه العمل حين الصراع بال 190 مليون طن من الفحم الحجري الذي تستخرجه ألمانية من أرضها، يعدل إنتاج 950 مليون عامل؛ ولذلك يمكن أن يقال إن عدد عمال ألمانية الخافين في ذلك الحين كان 950 من الملايين، أي أكثر بمراحل من ملايين السكان ال 65 الذين أشارت الإحصاءات إليهم. •••
ويبدو شأن السرعة العظيم في جميع حوادث الحياة، ولا سيما في إيجاد الثروة، ويظهر هذا الإيجاد مرتبطا ارتباطا وثيقا في سرعة تداول النقد.
ناپیژندل شوی مخ