وضع إسبانية وإيطالية: لم يفلت هذان البلدان من الفوضى التي تنشأ عن تحقيق الاشتراكية، إلا بفضل دكتاتوريات شديدة رضي بها جميع من أتعبهم عدم النظام.
ولكنه يجهل ما يصير إليه هذان البلدان الكبيران إذا عاد لا يكون على رأسهما أولئك السادة الفعالون الذين وفقوا للقضاء على الفوضى.
والآن تقضي إيطالية حال سعادة لا عهد لها به أيام كان مختلف الأحزاب السياسية - كما هو أمرها في فرنسة - يناضل للوصول إلى السلطة، لا لزيادة سعادة البلد، وكذلك الصناعة قد نمت ضمن نطاق الإمكان لدى هذه الأمة التي ليس عندها فحم حجري، وما كان قد ضاع من جهود في الخصومات السياسية سابقا خصص اليوم لإصلاح الوضع الاقتصادي.
ومهما يكن مستقبل الدكتاتورية فإنها تؤدي إلى نتيجة ثابتة تمنح بها إيطالية عادات في النظام والتدريب وحب العمل واحترام السلطة، أي أمورا لا يستطيع بلد حديث أن يزدهر بغيرها. •••
وضع دول البلقان الجديدة: لم يكن الرئيس ولسن ليتمثل ما كان يعد من مصائب حينما كان يتصرف عند وضع معاهدة الصلح، في سلطانة المطلق الذي هيأته له الأحوال، فيقسم أوربة الوسطى إلى دويلات مستقلة باسم مبدأ القوميات الخائب، فدول البلقان كشيكوسلوفاكيا ويوغوسلافية التي أقيمت على وجه مصنوع هكذا، والتي كانت تعيش هادئة أيام كانت من أجزاء النمسة، تتخاصم دائما ويتألف منها خطر جدي يهدد سلم أوربة، وما فتئت كرواتية تكون على خصام مع صربية منذ سنة 1928 مطالبة بانفصالها عنها، فيتشاجر نواب الصرب والكروات في البرلمان، ويطالب الكروات بالاستقلال الذاتي، ويعلن الصرب مقاومتهم ذلك بالقوة، ويصرح الكروات بأن «يوغوسلافية لا تستطيع البقاء تحت الطغيان الصربي.»
وفي حديث بين زعيم اتحاديي الكروات ومراسل «الديلي إكسبرس» يقول هذا الزعيم: «هذه هي خاتمة المطاف، فمن المتعذر تماما أن نداوم على إخلاصنا الماضي نحو الصرب ... نحن لا نفكر في تجزئة المملكة، ولكننا نطالب بأن تحرر كرواتية من تدخل بلغراد وفسادها، وأنتم ترون بأنفسكم أننا أمة غربية تماما وأننا ذوو مزاج نفسي يختلف عن مزاج الصرب اختلافا تاما.»
وليس الوضع في بقية البلقان أحسن من هذا، فما بين بلغارية ويوغوسلافية من اختلاف يحمل بذور الوعيد دائما. •••
وهنالك عوامل شقاق كثيرة أخرى تهدد السلم الأوربية، ومن بينها ذكرت جريدة كبيرة ما يأتي:
حسرة إيطالية التي تألم من سوء إنصافها، وسخط هنغارية المبتورة البادي، وغضب بلغارية المضيفة، ووضع لتوانية تجاه بولونية، ووضع ليتونية تجاه روسية، وادعاءات الألمان حول ممر دنزيغ، وليس من شأن مطاليب هذه «القسائم السيئة» مضافة إلى ألوف الحوادث التي قد تنشأ كل يوم عن الحدود الجديدة البالغة سبعة آلاف كيلومتر، أن تسهل الهدوء والوفاق الأوربيين اللذين يصعب بغيرهما تصور قيام السلم الأوربية، حتى مع تدخل جمعية الأمم وتوسطها.
وتبذل بلدان أوربة العظيمة بتأثير جمعية الأمم جهودا مستمرة في سبيل اتحادها ولو قليلا، ومما يورث النفوس يأسا من أسباب العقل ألا ينتهي أقطاب السياسة المجتمعون في جنيف إلى إدراك ضرورة التعاون تجاه الأخطار المتوعدة من كل جانب. •••
ناپیژندل شوی مخ