50
وعقب ديوجينيس لايرتيوس على هذا بكلمة نسبها إلى ثيوذورس؛ إذ زعم أنه قال: «لا جناح عليك أن تسرق أو تفسق أو تنتهك الحرمات المقدسة، على أن تكون بمأمن من العقاب.»
51
وظاهر هذا القول يخالف معناه المجمل عند الواقفين على حقيقة المذهب القوريني، فالمعنى المجمل يتضمن ما يصح أن ندعوه «الإباحة المشروطة»؛ كإباحة الزواج بأربعة نساء، مع شروط تجعل هذه الإباحة لغوا، فإذا تذكرنا أن «العقاب» عند القورينيين يتضمن معنى الألم، وفي «الألم» تحطيم للسعادة ولهدوء العقل؛ كانت إباحة ثيوذورس «مشروطة» بشروط تجعلها لغوا، أضف إلى ذلك أن الإنسان الذي لا يشعر «بألم نفسي»؛ سواء عنده أباح ثيوذورس المحرمات أم نهى عنها؛ لأن الإباحة لا تجعله أرذل، ولا النهي يجعله أفضل مما هو.
ويختلف ثيوذورس مع أرسطبس، على أن الخلاف بينهما غير ذي بال، وهو ينحصر في أن ثيوذورس جعل للاتجاه العقلي من القيمة أكثر مما للخيرات الخارجية الطارئة في تكوين عناصر الحياة السعيدة، ولهذا قال بأن العناصر الأساسية للحياة الطيبة ليست «اللذة والألم» مباشرة؛ لأنهما من الأشياء التي تحدث أثرا في النفس معها أو ضدها، بل العبرة بما يحدثان من «فرح أو حزن» وهما شيئان يتوقف حيازة أولهما على «الحكمة»، وثانيهما على «الحمق»، وهذا هو التفسير الذي فسر به زللر بعض عبارات غامضة أثبتها ديوجينيس لايرتيوس في كتابه (ج2، ص98).
هوامش
الفصل الرابع
نقود ومقارنات
«أما السبب الذي حمل أفلاطون وأرسطوطاليس على أن يقاوما مذهب أرسطبس، فيرجع - على الأرجح - إلى أن ابن قورينة بدأ يعلم الهيدونية في أبسط صورها، فقال إن اللذة هي الخير الأسمى، وإن غاية الإنسان يجب أن تتجه دائما وفي كل آن إلى الحصول على أكبر قسط منها، وجهد ما تصل استطاعته، وهذه الصورة البسيطة غير المهذبة من المذهب الهيدوني؛ هي التي قاومها سقراط، ونقلها عنه أفلاطون، وأثبتها في كتابه فليبوس.»
أرسطبس وسقراط
ناپیژندل شوی مخ