8
والمحصل أن أنقرير وتلاميذه قد فضلوا أن يقيموا مذهبهم على قواعد أقرب إلى المذهب الهيدوني لدى أول نشأته ، وقد يصح أن يكون هذا سببا في أن يلحقهم كثير من الكتاب بالمذهب الأبيقوري الذي حل بعدهم محل الفلسفة القورينية وتحول عنها، والواقع الذي لا مراء فيه أن أنقريز وشيعته حلقة الوصل بين ذينكم المذهبين العظيمين.
9
يدلك على صحة هذا أن المبادئ القورينية تتضمن لأول وهلة فكرة أن اللذة مرهونة على المشاعر الجسمانية أو بالأحرى على الحالات العضوية، وهذا المذهب أدمجه القورينيون في نظرية المعرفة
Theory of Knowledge
التي استمدوا عناصرها من بروطاغوراس، أما الخلافات التي وقعت بين أرسطبس والمتأخرين من رجال مذهبه، فينحصر في أن أرسطبس قد عرف اللذة بأنها حركة عابرة
في حين أن متأخري رجال المذهب قد عرفوا اللذة بشيء فيه علاقة بالفكرة الأبيقورية القائلة بأن اللذة عبارة عن حالة أي «حالة» دائمة محررة من الألم.
حلقات وصل بين الأنانية والغيرية
نصل هنا إلى بحث على جانب عظيم من الشأن هو بمثابة الجسر الذي يعبر عليه المذهب القوريني في أوسع معانيه من البحث في سعي الفرد للحصول على سعادته إلى الاعتراف بحقيقة الواجبات الاجتماعية، وما للعواطف الغيرية من قيمة، أما أن المذهب القوريني قد حاول أن يجد في كل ألوانه، وعلى مختلف اتجاهاته، بل ويدعي رجاله بأنهم قد عثروا بالفعل على حلقة وصل بين الطرفين: طرف الفرد وطرف المجتمع؛ فأمر لا يساورنا فيه أقل ريب، فعلى الرغم من أنهم استطاعوا أن يستكشفوا في العرف (العادات والتقاليد) عنصرا أعمق من العنصر الذي يتخذ قاعدة عامة عند الحكم على ما هو عدل وما هو ظلم، وعلى ما هو نفيس وما هو وضيع، وبالرغم من أنهم صرحوا بأن التفريق بين ما هو حق وما هو باطل، إنما يقوم بحكم العادة والوضع من ناحية، وبقسر الشرائع من ناحية أخرى، لا بالطبع، وهو مذهب أراد القورينيون كما أراد «هفياس الأليسي
Hippias » من قبلهم أن يؤيدوه مستندين إلى ما ظهر من وجوه الخلاف الكبير عند الحكم على مثل هذه الأشياء في مختلف الأزمان وعند مختلف الأمم بالرغم من هذا كله، فإنهم آمنوا كما نستطيع أن نثبت بكثير من الشواهد، بأنه ينبغي للحكيم أن يتنكب كل ما هو ظلم، وكل ما هو باطل.
ناپیژندل شوی مخ