188

انګلیزي فلسفې په سل کلونو کې (لومړی برخه)

الفلسفة الإنجليزية في مائة عام (الجزء الأول)

ژانرونه

ويواصل برنجل باتيسون نقده قائلا: إن الشمول المنطقي (

panlogism ) عند هيجل، يظهر قصوره بوجه خاص في ذلك الشكل من الفردية الذي نسميه بالشخصية، فهو لا يترك مجالا لحقيقة الأشخاص. ولقد كان خطأ هيجل، الذي شاركه إياه جرين والمدرسة الهيجلية الإنجليزية بوجه عام، وهو خطأ التوحيد بين الوعي البشري والوعي الإلهي، ووضع الاثنين معا في ذات كلية واحدة؛ كان هذا الخطأ نتيجة للاتجاه إلى الاستعاضة بصورة خالصة عن كائن حقيقي. ففي الذات الشكلية الخالصة، أو في المطلق، يتلاشى الاثنان، ويسلبان طبيعتهما المميزة بوصفهما شخصيتين فرديتين. ومقابل هذا المذهب المطلق يؤكد برنجل باتيسون الفردية الكمية والكيفية لكل شخص أصيل، واستبعاده التام المطلق لكل الأشخاص الأخرى، وعدم قابليته للاختراق أو النفاذ (

impenetrability )، وهي صفة لا يعد عدم قابلية المادة للاختراق، بالنسبة إليها، إلا شبيها هزيلا، فلا يمكن أن تتضمن ذات في ذات أخرى أو تتغلغل فيها، ولا تكون الذات مبدأ للتركيب أو للتوحيد إلا إذا عدت ذاتا عارفة. أما إذا نظر إليها من الوجهة الميتافيزيقية، بوصفها موجودة، لكانت أولى علاماتها المميزة هي الاستقلال والانعزال، بل إن الشخصية الإنسانية مستقلة نسبيا حتى إزاء الله، ما دام لها مركزها الخاص. ومن الواجب أن ينظر إلى الله ذاته، لا على أنه مقولة مجردة مثل «المطلق» عند هيجل، بل على أنه شخصية واعية بذاتها، لا تستطيع الشخصية المتناهية أن تتغلغل فيها أكثر مما يستطيع الله أن يتغلغل في الشخصية المتناهية. وبهذا الوصف تكون «الروح المطلقة» عند هيجل والوعي الكلي عند جرين أشبه بالطريق المسدود، الذي لا يؤدي إلى شخصية متناهية ولا إلى شخصية لا متناهية؛ فالهيجلية والشخصية لا تجتمعان.

ولسنا بحاجة إلى أن نبحث في مدى صحة فقد برنجل باتيسون لفلسفة هيجل، ولا سيما اتهامه إياها بأنها مجرد إطار شكلي، ولقد رأينا من قبل أن ماكتجارت، الذي كانت له معرفة أوثق بنصوص هيجل، قد اتخذ بعد عشر سنوات موقفا مضادا تماما، وإن يكن من الطريف أن نلاحظ أنه قد وصل على الرغم من ذلك، مع برنجل باتيسون، إلى نفس النتيجة في تفكيرهما في مشكلة الشخصية. غير أن نقد برنجل - باتيسون له أهمية تاريخية، هي أن ما يبرره لم يكن التطور السابق للهيجلية الإنجليزية بقدر ما كان تطورها اللاحق، أي ذلك العزوف التام الذي أسفر عنه مذهب برادلي وبوزانكيت المطلق فيما يتعلق بالشخصية، فقد وضع إصبعه على جرح لم يبدأ في الظهور إلا فيما بعد، ورأى مقدما خطرا مقبلا، فشيد للدفاع عنه حصنا احتمى به كل أولئك الذين لم يقبلوا أن ينتقص أحد من حق الشخصية المتناهية وقيمتها أو ينكره. وهكذا قسم المعسكر الهيجلي إلى جماعتين متعارضتين، هما جماعة المطلق وجماعة الشخصية، وهو تقسيم ظل قائما طوال التاريخ، وبذلك كانت الخدمة الخاصة التي أداها برنجل باتيسون في تطور المثالية الإنجليزية هي أنه كان أول مفكر في هذه المدرسة أكد عن وعي وبإصرار قيمة الشخصية التي لا يمكن أن تسلب، وبذلك بدأ اتجاها فكريا كانت له ثمار من أنواع شتى فيما بعد.

ولقد كان كتاب «الهيجلية والشخصية» يمثل أبعد نقطة افترق فيها برنجل-باتيسون عن هيجل، أما في كتاباته الأخرى فإنه، مع احتفاظه بالموقف الذي اتخذه من مسألة الشخصية ووضعه أساسا منهجيا له، قد أخذ يعود إلى نقطة بدايتها الهيجلية الأصلية، وظهر هذا الاتجاه أول ما ظهر في اختبار نقدي مفصل لكتاب برادلي «المظهر والواقع»،

96

عالج فيه «هذه النظرية الجديدة في المطلق» على نحو أقل قسوة وسلبية مما قد يتوقعه المرء من موقفه السابق، فقد وجد لدى برادلي اتجاهين متعارضين، أسمى أولهما بالاتجاه الهيجلي، والثاني صدى لاسبينوزا وشلنج، فقبل الأول ورفض الثاني. وبعبارة أخرى فقد رفض الرأي الذي يجعل من المطلق وحدة خاوية لا تنوع فيها، ولا تتجاوز فيها المتقابلات على نحو أصيل، وإنما تخف حدة التقابل بينها فحسب. كما رفض الثنائية غير الهيجلية بين المظهر والواقع، وقبل درجات الحقيقة والواقع، التي رأى أنها هي أساس ما في فلسفة هيجل من قيمة باقية. وعلى الرغم من انتقاداته الكثيرة لتفاصيل المذهب المطلق الجديد، فإن موقفه العام من هذا المذهب، كما يتمثل لدى بوزانكيت، أكثر مما يتمثل لدى برادلي، كان موقف التأييد. ويبدو أن بوزانكيت بوجه خاص قد ساهم مساهمة كبرى في الصورة النهائية التي اتخذتها ميتافيزيقاه. وعلى أية حال، ففي كتاب «فكرة الله»، كانت وسيلته إلى إيضاح أفكاره الخاصة هي المناقشة المستمرة لآراء بوزانكيت. ولما كانت مسألة اتفاق هذين المفكرين واختلافهما مسألة داخلية بالنسبة إلى المدرسة، فلا حاجة بنا إلى خوضها.

ولا تكتمل أطراف مذهب برنجل باتيسون بحيث تتكون منه نظرة كاملة إلى العالم، إلا عندما نصل إلى المجموعتين اللتين ألقاهما من محاضرات جيفورد، وهما «فكرة الله» و«فكرة الخلود»، وهما المجموعتان اللتان كانت أولاهما هي الأهم من جميع النواحي، وهنا - كما في المواضع السابقة - يتركز اهتمامه في المسائل الميتافيزيقية. فمهمة الفلسفة في نظر غيره من بناة المذاهب من الهيجليين، هي التفكير في الواقع في كليته، وتتبع مركبه المعقول بوصفه نسقا مقفلا مترابطا، وتفسير كل أجزائه ومراحله في ضوء مبدأ واحد أساسي، بناء على افتراض لا يمكن إثباته، ولكن لا مفر من تأكيده، هو أن الواقع معقول تماما، وأن الأشياء تلتزم نظاما، وأن هذا النظام قابل لأن يعرف من حيث المبدأ. ففكرة الارتباط العضوي للأجزاء بعضها ببعض وبالكل، هي الفكرة الأساسية في مذهب برنجل-باتيسون، وهي مظهر تأثره بهيجل. وفي ضوء هذه الفكرة يناقش العلاقة بين الطبيعة والإنسان، والفرد والمجتمع، والعالم والله، والمتناهي والوجود الإلهي وما شابهها من الأفكار.

فالطبيعة أداة بالنسبة إلى الإنسان، والإنسان أداة بالنسبة إلى الله، ولا وجود للطبيعة بوصفها حقيقة مستقلة تامة في ذاتها، كتلك التي يقول بها العلم الميكانيكي، بل إن كل حادث طبيعي هو، على العكس من ذلك، يوجه إلى الإنسان بوصفه كائنا عاقلا. إن الإنسان حقا ابن الطبيعة وفلذة كبدها، وإليها ترجع جذوره، ومنها ينمو عوده، غير أنه أداة ذلك الشيء الذي نماه، وهو الوسيلة التي وصلت بها الطبيعة - لأول مرة - إلى وعيها بذاتها وتمتعها بوجودها، فكل منهما أداة للآخر.

فإذا ما تبين لنا ذلك، أمكن خوض مشكلة المعرفة وحلها. فالإنسان بوصفه كائنا عارفا، هو مع ذلك فرد في الكون أو عضو فيه؛ لذلك كان علينا أن نزيل الهوة التي أقامها الفلاسفة بين العارف والمعروف، بين الذات والموضوع، وأن ننظر إليهما معا في وحدتهما بوصفهما أعضاء في نسق واحد. فالإنسان، من حيث هو ذات عارفة، داخل في العالم الذي يعرفه، وهو يقف جنبا إلى جنب مع موضوعاته، ويستتبع ذلك ألا يكون قوام حقيقة الشيء هو فعل المعرفة، بل إن ذلك الفعل يفترضها مقدما، وهي بهذا المعنى مستقلة عنه؛ أعني أنها مستقلة بالمعنى الميتافيزيقي، أي معنى أنها موجودة بذاتها، خارج كل علاقة لها بالذهن، كما يزعم الكثيرون بالنسبة إلى المادة، وكما يقال على تلك الخرافة الأخرى التي لا يمكن تبريرها، أعني الشيء في ذاته. وإذن فمشكلة المعرفة لا يمكن أن تحل بمذهب مثالي من نوع مذهب باركلي، ولا بمذهب مادي من النوع المرتبط بالعلم الطبيعي؛ إذ إن الأول يمحو الموضوع في الذات، والثاني يمحو الذات في الموضوع. كما أنها لا تحل بثنائية الظاهرة والشيء في ذاته عند كانت، ما دامت هذه تؤدي إلى اللاأدرية. والحل الوحيد الذي يمكن إيجاده هو القول بمذهب واقعي يعطي كلا من العاملين المتضايفين حقه. وما دام مثل هذا المذهب الواقعي يتفق في جميع النقاط الأساسية مع الرأي الساذج، فإن برنجل-باتيسون يطلق على مذهبه اسم الواقعية الطبيعية. وهذا الموقف لا يتعارض أبدا - بطبيعة الحال - مع القضية المثالية الأساسية القائلة إن طبيعة العالم روحية، ويمكن أن يندمج عضويا في مذهب المثالية الميتافيزيقية.

ناپیژندل شوی مخ