انګلیزي فلسفې په سل کلونو کې (لومړی برخه)
الفلسفة الإنجليزية في مائة عام (الجزء الأول)
ژانرونه
Windelband » المشهورة التي قال فيها إن في فهم كانت تجاوزا له، لتصلح تعبيرا عن اقتناع كيرد هذا، إذا ما أضفنا إليها أن هذا التجاوز ينبغي أن يسير في اتجاه هيجل؛ فقد كان يقيس مذهب كانت، في كل نقطة، بالمعيار الهيجلي، ويتعسف في تطبيق المقولات الهيجلية عليه، ويبين المواضع التي كان لا يزال ينوء فيها بالاتجاهات الفكرية القديمة؛ تلك التي كان يحمل فيها البذور الخفية للمثالية المطلقة. ولقد كان نقده لكانت موجها أساسا ضد مظاهر الثنائية التي يحفل بها مذهب كانت، وضد التمييز والفصل الذي طالما تكرر لدى كانت، بين عناصر التجربة والفكر، وتلك التجريدات والتحديدات التي هي مميزاته السطحية. ومن جهة أخرى فقد رأى أن ما كان يسعى إليه كانت حقا لم يكن تلك العناصر المفككة والمتقابلات والنقائض التي لا ترفع، وإنما هو التوفيق بينها وتجاوزها في وحدة فكرية أعلى، رغم أن كانت ذاته كان كلما أوغل في السعي إلى هذا الهدف الأخير، ازداد ابتعادا عنه. وهكذا رأى كيرد أن مأساة المذهب الكانتي إنما تكون في هذا الصراع الدائم بين هدف كانت الحقيقي وما أنجزه منه بالفعل، بين هذا السعي إلى الوحدة وذاك التعلق بالثنائية، ولم يتحقق التحرر من هذا الصراع إلا في مذهب هيجل الرائع.
وهكذا ننتقل من المثالية النقدية إلى المثالية المطلقة، فتلك الوحدة التي سعى إليها كانت، والتي لم يبلغها إلا نادرا (كما في الجزء الخاص بالإدراك الذاتي الترنسندنتالي
transcendental apperception )، ليست هي الوحدة المجردة التي توجد من وراء كل الفروق، وإنما هي وحدة لا تعبر عن نفسها إلا في هذه الفروق ومن خلالها. وبدون تلك الفكرة الرائعة، فكرة الهوية مع الاختلاف، لا يستطيع الفكر أن يتقدم خطوة واحدة نحو الحقيقة الفلسفية، فإذا ما وضعنا الوجود واللاوجود، أو أي متضايفين آخرين، كلا مقابل الآخر، فلن نستطيع أن نقول إنهما مختلفان أو إنهما في هوية. ولا تكمن حقيقتهما في اختلافهما ولا في هويتهما، وإنما في هويتهما مع اختلافهما؛ فالاختلاف لا يقل أهمية عن الوحدة؛ إذ إن الوحدة المطلوبة في الفلسفة هي وحدة فردية تظل محتفظة بنفسها، ليس فقط على الرغم مما يكمن فيها من اختلاف، بل في هذا الاختلاف ذاته ومن خلاله، ولا تتجاوز الأضداد والخلافات إلا تنحل ثانية إلى أضداد وخلافات أعلى، ثم تسترجع ذاتها مرة أخرى على مستوى أعلى من هذا. تلك هي الوحدة العضوية التي يتعين علينا أن نراها معبرة عن الكون، وهي المبدأ الروحي الكامن في كل الأشياء، أي هي «المطلق».
على أنها ليست هي المطلق منظورا إليه على أنه شيء ثابت مكتمل تماما، مقفل على ذاته غير قابل لأي تطور، وإنما على أنه عملية حية أو دينامية تكشف عن نفسها بطريقة ديالكتيكية. ونظرا إلى أن كيرد قد أخذ عن هيجل ديالكتيكه ونظر إليه على أنه النبض الحي لكل وجود وكل فكر، فقد اتخذ موقفا مضادا تماما لموقف جماعة الهيجليين الأحدث منه عهدا بقيادة برادلي، الذين وجدوا أن الديالكتيك هو ذلك الجزء من مذهب هيجل الذي لم يكن في وسعهم الانتفاع بشيء منه، والذين نظروا إلى المطلق، بالتالي، على أنه سكوني
static ، ففكرة «الكون الثابت
Clock universe » عند برادلي لم تكن مقبولة لدى المثالية كما فهمها كيرد، مثلما أنها لم تكن مقبولة لدى البرجماتية التي ذاعت وشاعت قرب نهاية حياته. ولقد كانت فكرة التجدد الخلاق المستمر للكون مشتركة بينه وبين البرجماتيين، وكانت هذه هي نفس الفكرة التي نشرها برجسون بطريقته الجذابة قبل وفاة كيرد بقليل. وهكذا يتضح لنا السبب الذي تزايدت من أجله أهمية فكرة النمو أو التطور في فلسفة كيرد، حتى أصبحت هي الفكرة الرئيسية في كتابيه الأخيرين. ولهذا السبب ذاته لم يسعه إلا أن يبدي شيئا من العطف على فلسفة التطور الواسعة الآفاق عند معاصره سبنسر، مهما كان من معارضته للجزء الأكبر منها ولكل الاتجاه التجريبي الإنجليزي الذي كان سبنسر آخر ممثل هام له. ذلك لأنه شعر بوجود تقارب وثيق بين التصاعد الديالكتيكي للمقولات الهيجلية وبين فكرة سبنسر في التفاضل (أو التنوع) والتكامل، وفي إعادة التجميع وإعادة التنظيم المستمر لعناصر الأشياء. وفي وسعنا أن نلمح بسهولة، في تعريفه للنمو
development ، ذلك المركب الذي سعى إلى إيجاده بين هيجل وسبنسر، أو على الأصح، صبغه لسبنسر بصبغة هيجلية، «فالنمو عملية تفاضل (أو تنوع) وتكامل في آن واحد، أي إنها عملية يزداد فيها الاختلاف دواما، لا على حساب الوحدة، ولكن على نحو من شأنه تعميق الوحدة أيضا.»
44
وكذلك قوله: «إن النمو عملية يصعب وصفها بلغة متسقة منطقيا، ففيها يتغلغل الاختلاف والوحدة كل منهما في الآخر على نحو وثيق تماما، غير قابل لأي انفصام.»
45
ناپیژندل شوی مخ