151

د اسلام سپیده

فجر الإسلام

ژانرونه

وقد تكون العلة أن البدو إذا تحضروا وبسط لهم في العيش أسرفوا في اللهو، شأن كثير ممن غني بعد الحرمان.

وربما كان السبب أن الأمويين تبوءوا الخلافة وحصروها فيهم، بل في بيت من بيوتهم وضيقوا على من عداهم في بطون قريش، وحجروا عليهم التفكير في الشئون السياسية، وكان الشام هو العنصر المؤيد لخلفاء بني أمية، والعراق هو العنصر المعارض، فانصرف فتيان الحجاز بما لهم من مال وفير وجاه عزيز عن الإمارة والخلافة والسياسة إلى اللهو، فكان الظرف ، وكان الغناء، وكان الشراب، وكان المجون.

وقد يكون من الحق أن تكون كل هذه أسبابا أنتجت ما ذكرنا.

وكان لهذا النوع من الحياة أثر في الأدب كبير، ليس من شأننا هنا التعرض له.

العراق: هو الجزء الجنوبي من وادي دجلة والفرات، خصبت أرضه وغزر ماؤه، واعتدل جوه ، فكان من أسبق الأقاليم مدنية وعمرانا، فقديما تعاقبت عليه الأمم المتحضرة من نحو ثلاثين قرنا قبل الميلاد؛ فالبابليون والآشوريون والكلدانيون والفرس واليونان، كل هؤلاء أنشئوا في العراق ممالك تختلف صبغتها، وكانت مدنيتهم منارا يلقي أشعته على ما حوله من البلدان.

وقديما عرفه العرب فنزلت فيه قبائل من بكر وربيعة، ثم كونوا فيه إمارة هي إمارة المناذرة في الحيرة - وهي التي وصفناها قبل - ثم استولوا عليه بعد الإسلام في عهد عمر، وأنشئوا فيه البصرة والكوفة، فأسرع إليهما النمو، وتحولت إليهما كنوز المدائن، وحضارة بابل والحيرة، وتركزت فيهما مدنية العراق في عهد الأمويين، حتى كان إذا قيل العراق فمعناه البصرة والكوفة، وكانوا أحيانا يطلقون عليهما «العراقين».

لما فتح العراق وسمع العرب بغناه رغبوا في الرحلة إليه، جاء في الطبري: «بعث عتبة أنس بن حجية إلى عمر بمنطقة مرزبان دست ميسان، فقال له عمر: كيف المسلمون؟ فقال: انثالت عليهم الدنيا فهم يهيلون الذهب والفضة، فرغب الناس في البصرة فأتوها»، وترك عمر الأرض في يد أهلها ووضع عليها الخراج فجعل على جريب

14

النخل عشرة دراهم، وعلى جريب القصب ستة دراهم، وعلى جريب البر أربعة دراهم، وعلى جريب الشعير درهمين؛ فبلغ الخراج - على ما يقولون - مئة مليون درهم، وضرب على أهلها الجزية، فكان من تجب عليهم الجزية 550000، وتختلف قيمة الجزية - كما علمت - بين 48 درهما في السنة و24 و12 حسب الثروة: فترى من هذا مقدار ثروة العراق وغناه، مما حبب إلى العرب سكناه.

رحل العرب إلى العراق يحملون بين جنوبهم العصبية القبلية

ناپیژندل شوی مخ