فقال له: نعم فجاء الخضر، فسأله الرجل في ذلك فأبى عليه، وقال:
ليس إلى هذا سبيل. فعرف الرجل معاوية بذلك.
فقال له معاوية: قد قعدنا مع من هو خير منك، وحدثناه، وخاطبناه، وهو محمد- (صلى الله عليه وسلم)-، ولكن اسأله عن ابتداء دمشق كيف كان؟ فسأله فقال له: سرت إليها فرأيت موضعها بحرا مستجمعا فيه المياه، ثم غبت عنها خمسمائة سنة ثم سرت إليها فرأيته ماء غيض، ثم غبت خمسمائة سنة ثم صرت إليها، فرأيتها قد ابتدى فيها بالبناء ونفر يسير فيها.
وقيل: إن باب جيرون من بناء سليمان بن داود (عليه السلام) بنته الشياطين، وكان اسم الذي بناه جيرون فسمي به.
وقيل: إن دمشق بناها دمشقيون غلام كان مع الإسكندر، وذلك أنه لما رجع الإسكندر من المشرق، وجعل السد بين أهل خراسان وبين يأجوج ومأجوج، وسار يريد الغرب، فلما بلغ الشام وصعد على (عقبت دمر) (1) أبصر هذا الموضع الذي فيه اليوم دمشق، وكان هذا الوادي الذي يجري فيه نهر دمشق غيضة أرز، فلما رآها ذو القرنين، وكان هذا الماء الذي في هذه الأنهار اليوم متفرقا، يجتمع في واد واحد فأخذ الإسكندر يتفكر كيف يبني فيه مدينة، وكان أكثر فكره وتعجبه أنه نظر إلى جبل يدور بذلك الموضع و(بغيضة أكلها) (1). وكان له غلام يقال له دمشق، وكان أمينه على جميع ملكه، قال: فنزل الإسكندر في موضع (العريت المعروفة ببلدا أمن دشق) (1)، على ثلاثة أميال وأمر أن يحفر في ذلك الموضع حفيرة، فلما فعلوا ذلك أمر أن يرد التراب الذي أخرج منها إليها، فلما رد التراب لم تمتلئ الحفرة فقال لغلامه دمشقين: ارحل فإني كنت نويت أن أأسس في هذا الموضع مدينة، فلما كان بان لي مثل هذا فما يصلح أن يكون هاهنا مدينة، فقال له غلامه: ولم يا مولاي؟ فقال ذو القرنين إن بني هاهنا مدينة فلا يكفي أهلها زرعها، ثم رحل
مخ ۳۲۷