ولقد بين ﷾ أن معيته تستلزم عدم الخوف وتستلتزم النصر والغلبة في الوقت نفسه، وذلك حين أبدى موسى وهارون - على نبينا وعليهم الصلاة والسلام - تخوفاتهم من زمجرة فرعون الحادة وبطشاته الأكيدة التي يتعرض لها كل من يخاطبه بغير ما يهواه ﴿قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى﴾ (١)، فكان الجواب ﴿قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾ (٢)، فبيّن - سبحانه - هنا أن معيته لهما تستلزم عدم الخوف منهما، فلا داعي للخوف البتة، وتستلزم رعايتهما ونصرهما وحفظهما من كيد فرعون وغطرسته الغاشمة، وهذا الحال في معيته ﷾ حيث كانت فلا خوف ولا حزن، وإنما نصر وبلج، ويسر وفرج، وهذا أبو بكر الصديق في الغار مع رسول الله ﷺ يبلغ به الخوف كل مبلغ على رسول الله ﷺ وهو يرى أقدام الكفار الذين جاءوا يبحثون عن رسول الله ﷺ ليقتلوه، أو يحبسوه، فيقول لرسول الله ﷺ متخوفًا: "لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه يا رسول الله" فأجابه رسول الله ﷺ
(١) طه: ٤٥.
(٢) طه: ٤٦.