Explanation of the Forty Hadiths of Al-Nawawi - Al-Abbad

Abd al-Muhsin al-Abbad d. Unknown
163

Explanation of the Forty Hadiths of Al-Nawawi - Al-Abbad

شرح الأربعين النووية - العباد

ژانرونه

معنى الشهادتين ومقتضاهما شهادة أن لا إله إلا الله معناها: لا معبود بحق إلا الله. وهي تشتمل على ركنين: نفي، وإثبات، نفي في أولها، وإثبات خاص في آخرها، وهذا النفي هو نفي العبادة عن كل ما سوى الله، وهذا هو النفي العام، والإثبات الخاص إثباتها لله وحده لا شريك له. والمقصود من هذه الشهادة أو من هذه الكلمة: توحيد الإله الذي هو حق، وأما الآلهة التي غير حق فهي كثيرة، وهي موجودة، ولكن الذي ينفى بهذه الشهادة وبهذه الكلمة عن هذه الألهة الباطلة إنما هي الإلهية الحقة، وأما الإلهية الباطلة المدعاة فهي موجودة وكثيرة. ولهذا فإن الكفار الذين بعث فيهم الرسول ﷺ لما طلب منهم أن يفردوا الله بالعبادة قالوا: ﴿أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾ [ص:٥]، ومعنى ذلك أنهم يعتقدون أن هناك آلهة، وإنما الذي أنكروه هو كون الإله واحدًا. وعلى هذا فإن الشهادة أو النفي الذي في كلمة الإخلاص وكلمة التوحيد هو نفي الإلهية الحقة، فهذه هي المنفية عن كل ما سوى الله. وأما الإلهية الباطلة فإنها موجودة، ولكن إذا أتي بـ (لا إله إلا الله) -ومعناها: لا معبود حق إلا الله- فمعنى ذلك أن الذي نفي هو الإلهية الحقة، وليس النفي لوجود الآلهة، بل الآلهة موجودة، ولكنها آلهة باطلة. فمقتضى شهادة أن لا إله إلا الله أن لا يعبد إلا الله وحده لا شريك له، ومقتضى شهادة أن محمد رسول الله ﷺ أن يصدق بكل ما جاء به، ويمتثل كل ما جاء به من الأوامر، وينتهى عن كل ما نهى عنه من النواهي، وأن لا يعبد الله إلا طبقًا لشريعته، وطبقًا لما جاء به صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. وهذا هو مقتضى الشهادتين؛ لأن مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله أن لا يعبد إلا الله، ومقتضى شهادة أن محمد رسول الله أن لا يعبد الله إلا طبقًا لما شرع رسول الله ﵊، ووفقًا لما جاء به الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم. فلابد من تجريد الإخلاص لله وحده، فلا يعبد مع الله غيره، ولابد من تجريد المتابعة للرسول ﷺ، فتكون المتابعة والاتباع والعمل فعلًا وتركًا طبقًا لما جاء عن رسول الله ﷺ، كما قال الله ﷿: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف:١١٠]. والعمل الصالح هو ما كان خالصًا لله ومطابقًا لسنة رسول الله ﷺ، فلو اختل الركنان أو الشرطان أو اختل أحدهما فإن العمل يكون مردودًا على صاحبه، فلو أتي بالإخلاص دون المتابعة فإن العمل مردود؛ لقوله ﷺ: (من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد)، وفي رواية: (من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد)، ومن أتى بالعبادة مطابقة للسنة ولكن أشرك مع الله تعالى فيها غيره فإنها تكون مردودة على صاحبها؛ لعدم الإخلاص، والله تعالى يقول: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ [الفرقان:٢٣]، وفي الحديث القدسي: (يقول الله ﷿: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه). إذًا: الركن الأول مؤلف من أمرين: الشهادة لله بالوحدانية والإلهية، والشهادة لنبيه محمد ﷺ بالرسالة، فلابد منهما، وكل عمل لابد من أن يكون مستندًا إليهما. فالشهادتان هما أساس في ذاتيهما، وهما أساس لبقية الأركان ولكل عمل يتقرب به إلى الله ﷾، وإذا لم يكن العمل مبنيًا على الشهادتين فإنه يكون مردودًا على صاحبه وغير مقبول، ولا ينفع صاحبه عند الله ﷿. فهما أس الأسس، وهما اللتان يبنى عليهما غيرهما من بقية الأركان، وكل الأعمال التي يتقرب بها إلى الله ﷾. وقد بدأ بهما في هذه الخمس لأنهما الأساس لغيرهما، كما أنه بدأ بالإيمان بالله في أركان الإيمان لأن الإيمان بالله هو الأساس، وكل شيء وراءه تابع له، وكذلك هنا بدأ بالشهادتين لأن كل شيء وراءهما تابع لهما.

9 / 7