Explanation of the Book of the Virtue of Islam by Muhammad ibn Abd al-Wahhab - Nasir al-Aql
شرح كتاب فضل الإسلام لمحمد بن عبد الوهاب - ناصر العقل
ژانرونه
التفرق والاختلاف والمخرج من ذلك
الفائدة الثالثة: أشار ﷺ في قوله: (وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا) إلى الافتراق، وأحاديث الافتراق ووقوعه والخبر عنه والتحذير منه كثيرة عن النبي ﷺ، ومع ذلك نجد بعض المفتونين من المعاصرين من يزعم أن مسألة حدوث الافتراق، ووجود الفرقة بين الأمة من الأمور التي صنعها المتشددون أو المتزمتون، وأنها ردود أفعال لأهل السنة والجماعة ضد خصومهم، وأنهم بالغوا في مسألة وجود الافتراق، وإلا فالأمة تشمل كل من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ومن ادعى الإسلام فهو مسلم، ولا داعي لذكر الفرقة والافتراق ووجود الفرق إلخ.
وهؤلاء الذين يقولون هذا الكلام جهلة، والإسلام درجات، لكن دعوى الإسلام قد تعصم المسلم أو تعصم قائلها، لكنها لا تعني أن يكون على السنة والاستقامة، فأهل الإسلام -كما أخبر النبي ﷺ سينقسمون؛ منهم من يبقى على السنة وعلى الصراط المستقيم، ومنهم من ينحرف يمينًا وشمالًا، كما ورد في حديث السبل وغيره، فقال النبي ﷺ: (إنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا)، يقصد الصحابة، فكيف بمن بعدهم؟ وفعلًا الصحابة رأوا اختلافًا، وعايشوا في حياتهم ظهور أول الفرق الرافضة والشيعة وفرقها المختلفة: الشيعة الغالية وغير الغالية وغيرهم، ثم القدرية، وأوائل ظهور التجهم والاعتزال بدأ في آخر عهد الصحابة، وكذلك المرجئة بدأت بذورها في آخر عهد الصحابة.
إذًا: الاختلاف واقع، والنبي ﷺ أخبر وخبره صدق أنه من يعش فسيرى اختلافًا كثيرًا.
ثم إذا وجد الخلاف فهناك وصية من النبي ﷺ تؤكد ضرورة البقاء على السنة، قال: (فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ).
فقوله: (فعليكم بسنتي) يؤكد أنه عند الاختلاف تكون هناك سبيل واحدة هي التي أوصى النبي ﷺ بأخذها والاستمساك بها وسلوكها، وهي سبيل السنة، وهذا مما يدل على أن (أهل السنة) مصطلح شرعي؛ لأنهم الذين أخذوا بوصية النبي ﷺ في هذا الحديث وغيره.
ثم في الأثر الذي يليه عن حذيفة وعن ابن مسعود وعن أبي موسى الأشعري كلهم في هذا الحديث اجتمعوا على أمر، واتفقوا على بيان نهج من مناهج السنة.
11 / 6