156

شرح الدعاء من الكتاب والسنة

شرح الدعاء من الكتاب والسنة

خپرندوی

مطبعة سفير

د خپرونکي ځای

الرياض

ژانرونه

﴿رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا﴾، أي: لم تخلقه عبثًا لكمال حكمتك، وسعة علمك. ﴿سُبْحَانَكَ﴾: من «التسبيح، وهو التنزيه، والإبعاد عن السوء، والذي ينزه اللَّه تعالى عنه شيئان: (النقص)، (ومماثلة المخلوقات») (١)، أي: ننزهك عن كل نقص وعيب، ومن ذلك أن تخلق شيئًا عبثًا لا حكمة فيه، فإن خلقك وفعلك كامل من كل الوجوه، لكمال حكمتك وحمدك وجلالك، وهذا يدلّ على حسن توسّلهم حال دعائهم. ﴿فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾: قدّموا التنزيه المتضمّن لكل كمال قبل السؤال لشدّة رجائهم في الوقاية من هذا المهلك الرهيب، توسّلوا إليه تعالى أن يبعد عنهم أشدّ الشرّ وأعظمه، ثم بيّنوا علة سؤالهم: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ﴾: أي من أدخلته النار فقد أهنته، وأخزيته أمام الجميع في المحشر، وهذا الخزي العظيم الذي لا نصير لهم في هذا اليوم العظيم، ذكروا هذا الكلام في سياق الأخبار متضمنًا لسؤالهم اللَّه تعالى الوقاية من النار. ﴿رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا﴾: أي داعيًا يدعو إلى الإيمان، وهو الرسول محمد ﷺ، وقيل: المنادي هو كتاب اللَّه تعالى، وكلاهما صحيح ومتعيّن: «وهذا صريح في

(١) تفسير آل عمران للعلامة ابن عثيمين ﵀، ٢/ ٥٤٣ - ٥٤٨).

1 / 157