34

Explanation of Sahih al-Bukhari by Al-Huwaini

شرح صحيح البخاري للحويني

ژانرونه

الإخلاص أول أدب ينبغي أن يتحلى به طالب العلم باب الأدب أوسع الأبواب التي يلج منها طالب العلم، فأنت كطالب علم لا بد أن تلتزم بآداب: أول الآداب التي ينبغي أن يتخلق بها طالب العلم هو: أن يحسن نيته في طلب العلم (الإخلاص) لابد أن تعلم أنك لا تتعلم لتكون فقيهًا أو ليشار إليك. لكن هناك مسألة واقعية، وهي عقبة تصرف كثيرًا من الطلبة في بدء الطريق -عن العلم- هذه المسألة هي: أنك تجد طالب العلم يتمنى أن يكون مشهورًا، ويتمنى أن يكون معروفًا، فبعض الذين يدركهم الورع ينصرفون تمامًا عن طريق التعلم؛ خشية الرياء. أنا أقول: لا، اصبر، اصبر قليلًا، قال ابن جريج لـ عبد الملك بن عبد العزيز -وهو من أوائل من صنف الكتب، وهو من طبقة الإمام مالك ﵀ قال: طلبنا العلم لغير الله فأبى الله إلا أن يكون له؛ لأن عقد النية من أصعب ما يواجه الإنسان، عقد النية مسألة عسيرة! طالب العلم في مبدأ أمره وهو لا زال طالبًا صغيرًا، ليس عنده علم، فيعجز عن استحضار النية لقلة علمه، فلا يزال يواصل في الطلب، ويواصل ويواصل، فكلما تعلم شيئًا من العلم استفاد منه؛ فيحسن عقد النية في آخر الأمر، لكن هذا الذي ينصرف عن طلب العلم بحجة الخوف من الرياء، هو ليس عنده علم حتى يجرد النية له، فأنت اصبر على نفسك، ولا تتهم نفسك من أول الأمر. وقد جاء في الأثر: (من أدمن طرق الباب ولجه) طالما أنك تطرق سيفتح لك، فإذا تصورنا أن هناك إنسانًا بداخل البيت، فطرقت الباب مرة أو مرتين وكان نائمًا لا يفتح لك، لكن إذا ظللت تطرق وتدمن الطرق سيفتح لك، والعلم هكذا، لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك، وهذا من عزة العلم، مثل القرآن، فإنه لا يبقى في صدر المهمل، فأنت تتركه يتفلَّت منك؛ لأنه عزيز الجانب، يتركك في الحال، ويتفلت منك في ضحوة من نهار، فإذا لم يجد الترحاب والاهتمام والرعاية، وتبقى مهتمًا به فإنه يدعك، كذلك العلم؛ لأنه عزيز أيضًا، لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك. فأنت في بدء الطريق لا تستطيع أن تجرد نيتك، فعليك أن تصبر على نفسك، وكلما تعلمت شيئًا من العلم أضفته لعلومك.

3 / 6