33

Explanation of Sahih al-Bukhari by Al-Huwaini

شرح صحيح البخاري للحويني

ژانرونه

أهمية الرفق والصفح في الدعوة إلى الله تعالى كان الحسن البصري يقول: إذا بلغك عن أخيك ما تكره فابحث عن عذر، فإن لم تجد له عذرًا فقل: لعل له عذرًا. إذا لم تجد له عذرًا، فمطلوب منك أن تستغفر له، ويجب أن تتمتع بقدر من التغابي، لا أقول الغباء؛ فإن العلم لا يصلح لغبي، لا يتعلم غبي ولا عصبي، لكن ينبغي أن تتمتع بقدر كبير من التغابي قيل لأعرابي: من العاقل؟ قال الفطن المتغافل. إذًا تتغافل، أنت تعرف أن هذا الإنسان فعل فعلًا ويريد أن يخرج من سخطك بعذر، فلو لم تكن صاحب حشمة ولم تعذره لما خرج من سخطك، هو يحسن نفسه أمامك؛ لأنه ما زال يحترمك، ما زلت كبير القدر عنده، فلا تضع قدرك، طالما أنه حريص على أن يواري سوأته عنك، فأتح له الفرصة، وافتح له طريق. والنبي ﵊ قال: (ما كان الرفق في شيءٍ إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه) قال نحو هذا الكلام لـ عائشة ﵂ لما كانت تسرع بالجمل، قال: (يا عائشة! عليك بالرفق) حتى مع الدواب. وأنا أقول لك مثلًا: تخيل أنك تدق مسمارًا في هذا حائط، وأنت رجل لديك عضلات قوية، وضربت المسمار ضربة قوية، ماذا سيحدث؟ سيرتد عليك، لكن لو ضربت عليه بهدوء، سيثبت ويستقيم معك. هناك ناس كثيرون مثل هذا المسمار لا يأتي إلا بالدق، لا يأتي بالذوق أبدًا، فأنت كن حليمًا، وكن رفيقًا، ينبغي أن يتخلق الداعية بالحلم، فلست جهة محاسبة، أنت جهة إصلاح. وأيضًا نقول لإخواننا الذين يتعلمون -لا أقصد إخواننا الدعاة؛ لأنهم أفضل مني، ولا أنصحهم ولا أعيبهم، هم يعرفون ذلك، لكن إخواني الذين يريدون أن يترقوا بالعلم-: عليكم بالرفق، أخي! عليك بالرفق لكي تصل إلى مطلوبك، إياك وأنت تطلب العلم أن تفكر أن تكون إداريًا، الإداري مكروه، حتى وإن كان محقًا فيما يفعل، لكنه مكروه، لو تعامل الإداري الداعية بأسلوب الدعاة أفسد الإدارة لماذا؟ لأن الإدارة تحتاج إلى حزم، كل شخص يأتي ويقول: يا إداري سهّل لي المسألة الفلانية، وأدخلني إلى المكان الفلاني، وأنا سآتي لك بفلان واسطة. لو أنه قبل كل شفاعة تصل إليه ضاعت الإدارة، إذن تحتاج الإدارة إلى حزم، فالداعية لا تصلح له الإدارة، أي إنسان يدخل في الإدارة لا بد أن تؤثر في سلوكه وتعامله مع الناس، وتؤثر في دعوته إن كان داعية. وعندكم عبرة بالأيام، انظروا! أي داعية دخل في الإدارة فلابد أن يخسر دعوته مباشرة، الداعية يحتاج إلى أن يعين إخوانه، يخالطهم ويصبر على أذاهم، ويسامح من آذاه، لكن الإداري مهما بسط وشرح عذره للناس لا يخرج من الملامة أبدًا، إذًا لابد أن تكون داعية صرفًا، يعني: لا تشتغل بالإدارة.

3 / 5