دستور العلماء
دستور العلماء أو جامع العلوم في اصطلاحات الفنون
خپرندوی
دار الكتب العلمية - لبنان / بيروت
د ایډیشن شمېره
الأولى، 1421هـ - 2000م
ژانرونه
بل تقترن بالإدراك السابق حالة أخرى تسمى الإذعان والقبول وإلا يلزم أن تكون لشيء واحد صورتان في الذهن. ولا يخفى على من يرجع إلى وجدانه أن العلم صفة يحصل منه الانكشاف والإذعان صفة ليس كذلك بل تحصل منه بعد الانكشاف كيفية أخرى للنفس وبذلك يصح تقسيم العلم إلى التصور الساذج والتصور معه التصديق كما وقع عن كثير من المحققين انتهى. أقول قوله: (صورتان في الذهن) أي صورتان مساويتان وهو محال فلا يرد أنه قال في حواشيه على شرح المواقف للوجود صورة وللعدم صورتان فإن للعدم صورتين إجمالية وتفصيله كما سيجيء في موضعه إن شاء الله تعالى.
واعلم أنه يعلم من هذا المقال أن من قسم العلم إلى التصور فقط وإلى تصور معه حكم أو إلى تصور معه تصديق مبني على أمور. أحدها: أن التصديق والحكم والإذعان ألفاظ مترادفة. وثانيها: أن العلم منقسم إلى تصورين أحدهما تصور ساذج أي غير مقرون بالحكم. وثانيهما تصور مقرون به. وثالثها: أن التصديق ليس بعلم بناء على أنه كيفية إذعانية لا كيفية إدراكية حتى يكون علما. ورابعها: أن القسم الثاني لما لم ينفك عن التصديق الذي هو الحكم سمي بالتصديق مجازا من قبيل تسمية الشيء باسم ما يقارنه ولا ينفك عنه. ثم المراد بالتصور المقارن بالحكم إما الإدراكات الثلاثة فقط أو إدراك أن النسبة واقعة أو ليست بواقعة أيضا على الاختلاف كما مر. ولا يخفى عليك أن كون التصديق علما كنار على علم. وانقسام العلم إلى التصور والتصديق من ضروريات مذهب الحكماء وحمل إطلاق التصديق على القسم الثاني على المجاز لا يعلم من إطلاقاتهم وقوله: (إن الكيفية الإذعانية وراء الكيفية الإدراكية) إن أراد به أنه ليس الأولى عين الثانية فمسلم لكن لا يجدي نفعا ما لم يثبت بينهما مباينة. وإن أراد به أن بينهما مباينة بالنوع فممنوع لأن الثانية أعم من الأولى فإن الأولى من أنواع الثانية فإن للنفس من واهب الصور قبول وإدراك لها قطعا تصورية أو تصديقية. نعم إن في التصورات إدراك وقبول لا على وجه الإذعان وفي التصديقات إدراك وقبول على وجه الإذعان بمعنى أن ذلك الإدراك نفس الإذعان إذ لا نعني بالإذعان إلا إدراك أن النسبة واقعة أو ليست بواقعة وقبولها كذلك فكان نسبة الإدراك والقبول المطلقين مع الإذعان نسبة العام مع الخاص بل نسبة المطلق إلى المقيد ونسبة الجنس إلى النوع وقوله: (لا يحصل لنا إدراك آخر) ممنوع إذ لو أراد بالإدراك الحالة الإدراكية فمنعه ظاهر ضرورة أن الحالة الإدراكية قبل إقامة البرهان كانت مترتبة على محض تعلق التصور بمضمون القضية شكا أو غيره وبعدها حصلت حالة إدراكية أخرى وهي إدراك أن النسبة واقعة أو ليست بواقعة وهي عين الحالة التي يسميها حالة إذعانية وإذعانا وكذا إذا أراد به الصورة الذهنية ضرورة أن المعلوم كان محفوفا بالعوارض الإدراكية الغير الإذعانية فكان صورة ثم حف بعد إقامة الدليل بالحالة الإدراكية الإذعانية فكان صورة أخرى فإن تغاير
مخ ۲۱۱