وَخَرَجَ رسولُ الله ﷺ والمسلمون في ثلاثةِ آلافٍ حتى جعلوا ظهورهم إلى سلع، وَضَرَبَ عسكَرَهُ، والخندقُ بينه وبين القوم، وأمر بالذراري والنساء فجعلوا في الآطام، وخرج حيي بن أخطب النَّضري حتى أتى قريظة في دارها (^١)، وسألهم أن يكونوا معهم على حربِ محمد، فذكروا أن بينهم وبينه عقدًا وحلفًا، فَلَمْ يَزَلْ بِهم حتى نقضوه، وأجابوه إلى حربِ محمد [وَبَلَغَ الخبرُ النَّبيَّ ﷺ] (^٢)، فَبَعَثَ سعدَ بنَ معاذ وجماعة معه إليهم لينظروا صحة ذلك، فَأَتَوْهُم فوجدوهم على أخبثِ ما بَلَغَهُم عنهم، فنالوا مِن رسولِ الله ﷺ، وقالوا: [مَنْ رسولُ الله] (^٣)؛ [لا عهدَ بيننا وبين محمد ولا عقد، فَشَاتَمَهُم سعدُ وشاتموه، ثم أقبل بمن معه إلى رسول الله ﷺ] (^٤) فَأَخْبَرَهُ، فَعُظُمَ ذلك البلاءُ، واشتدَّ الخوفُ، وأتاهم عدوهم من فوقِهم ومن أسفل منهم حتى ظَنَّ المسلمون كل ظن، وَنجَمَ النفاقُ، حتى قال مُعَتِّبْ بن قُشير (^٥): كان محمد يعدُنا أَنْ نأكلَ كنوزَ كِسرَى وَقَيْصَر (^٦)، وأحَدُنا اليوم لا يَأْمَنُ على نفسه أن يذهبَ إلى الغائط، فأقام رسول الله ﷺ، وأقام عليه المشركون بضعًا وعشرين
(^١) في (ج) و(د): (أرضها) بدل (دارها).
(^٢) ما بين المعكوفتين سقط من (ج) و(د).
(^٣) ما بين المعكوفتين سقط من نسخة (ج).
(^٤) ما بين المعكوفتين سقط من نسخة (د).
(^٥) الصحابي: مُعَتِّب بن قشير بن بليل بن زيد العطاف الأوسي الأنصاري، قال ابن حجر: ذكروه فيمن شهد العقبة، وقيل: إنه كان منافقًا، وقيل: تاب.
ذكره ابن إسحاق فيمن شهد بدرًا. الاستيعاب ٣/ ١٤٢٩، الإصابة ٦/ ١٧٥.
(^٦) تصحفت (قيصر) في نسختي (ج) و(د) إلى: (فيصير)، والصحيح: (قيصر) كما هو مثبت.