وكانت هذه الحالات تظهر على فترات متقطعة، وتشتد لبعض الوقت، ثم تزول لتعاود الكرة بعد حين.
ولا يخفى أن لمثل هذا الوضع الاجتماعي أثرًا بالغًا على الناس بعامة، وعلى العلماء بخاصة، لكن من العلماء من استسلم للأمر الواقع، ومنهم من شمر للدعوة والإصلاح، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكان ابن النجار واحدًا من هؤلاء؛ حيث ذكر في سيرته اهتمامه بأمور الناس، وتصديه للدعوة والإصلاح، رغم مشاغله العلمية.
ج - الحالة العلمية:
بالرغم من تفاقم الاضطربات السياسية، وكثرة الفتن والاختلافات، وتمزق الدولة العباسية، وما نتج عن ذلك من سوء الحالة الاجتماعية، وكثرة الجوع والأمراض والأوبئة، وعدم الأمن والاستقرار في كثير من الممالك والسلطنات الإسلامية كما تقدم، إلا أن الحالة العلمية كانت مزدهرة، يشجعها الخلفاء الذين عاصرهم ابن النجار؛ فقد اشتغل الناصر لدين الله أحمد أبو العباس في وسط خلافته برواية الحديث، واستناب عنه نوابًا في الإجازة والتسميع، وأجرى عليهم جرايات، وكتب للملوك والعلماء إجازات، وجمع كتابًا سبعين حديثًا، ووصل إلى حلب وسمعه الناس.
وأجاز الناصر لجماعة من الأعيان، فحدثوا عنه، منهم ابن سُكَيْنة، وابن الأخضر، وابن النجار، وقاضي القضاة ابن الدامغاني، وولي العهد، والملك العادل وبنوه، والشيخ محمود الزنجاني، والشيخ المقداد القيسي (^١).
_________
(^١) انظر: سير أعلام النبلاء ٢٢/ ١٩٧، تاريخ الخلفاء، ص ٤٥١.
1 / 12