76

منه التفاتة نحو السماء، فنظر الى رجال لا يشبهون رجال الدنيا ينزلون من السماء قد حملوا على اولئك الأحبار فقطعوهم وهزموهم حتى كشفوهم عن عبد الله، فلما نظر وهب الى ذلك رجع مبادرا الى أهله فخبرها بالخبر وقال: انطلقي الى عبد المطلب فاعرضي عليه ابنتك لعله أن يزوجه إياها قبل أن يسبقنا إليه أحد من الناس فتكون الحسرة الكبرى والمصيبة العظمى.

قال: فجاءت برة أم آمنة الى عبد المطلب فعرضت ابنتها عليه.

فقال عبد المطلب: لقد عرضت علي امرأة لا يصلح لا بني من النساء غيرها.

فزوجه إياها وابتنى بها.

فلما ابتنى عبد الله بآمنة مرضن نساء قريش، وماتت مائتا امرأة من قريش بغيرتها أسفا وجزعا، إذ لم يتزوج بهن عبد الله بن عبد المطلب. فأعطى الله عز وجل آمنة من النور والعفاف والبهاء والجمال والكمال ما أنها كانت تدعى سيدة قومها.

قال: وبقي عبد الله على ذلك عدة سنين ونور رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يخرج منه الى بطن آمنة حتى أذن الله عز وجل في ذلك.

فصل في ذكر تنقل رسول الله (صلى الله عليه وآله) من لدن فطامه الى وقت مبعثه

قيل: إنه لما شب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وترعرع وسعى ردته حليمة السعدية الى امه آمنة بنت وهب فافتصلته وقدمت به على أخواله من بني عدي بن النجار بالمدينة، ثم رجعت به حتى إذا كانت بالأبواء هلكت بها، فيتم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكان عمره يومئذ ست سنين، فروي أن أم أيمن رجعت به الى مكة وكانت تحضنه، وورث رسول الله (صلى الله عليه وآله) من امه أم أيمن وخمسة أجمال أوداك (1) وقطعة غنم، فلما تزوج

مخ ۷۹