ولما كانت مسائل النبوة قطعية، ظاهرة غير خفية، والإمامة خالفة للنبوة، إذ الإمام قائم مقام الرسول، لما في قيامه من تنفيذ الأحكام، وتبليغ شرع الله وحراسته من أن يضام، نص جهابذة أئمتنا (ع) أن مسائل الإمامة قطعية غير ظنية، وأنها يقينية، محتجين على ذلك بأدلة بسطها المؤلفون في مؤلفاتهم، وأودعوها في موضوعاتهم ورسائلهم، منها إجماع الصحابة بعد موت الرسول، فإنهم قدموا نصب الخليفة قبل الواجب الأهم من مواراته صلى الله عليه وآله وسلم، ومنها إقامة الحدود، ومنها فريضة الجهاد للكفار والبغاة، وغير ذلك من الأدلة، ولما كان يرد على بعض الأدلة شبه ومطاعن -كما قدمنا- فما من دليل من أدلة التوحيد والعدل إلا وقد أورد عليه الطاعنون جملة من الشبه والاعتراضات، ورد تلك المطاعن أئمة الهدى، فكذلك مسئلة الإمامة اعترض المعترضون أدلتها باعتراضات ومطاعن، منها ما يرجع إلى التشكيك في دلالة الإجماع أنها غير قطعية، وأن دلالة الآية:( ومن يشاقق الرسول)[النساء:115] غير صريحة بل هي ظاهر، ومنها أن الإجماع غير ممكن وإن أمكن فهو إجماع فعلي ودلالته غير قطعية، ومنها التشكيك في دلالة آية إقامة الحدود، وإن سلم دلالتها فهي باللازم فقط فليست بدلالة قاطعة، ومنها الاعتراض على دليل فريضة الجهاد بأن قالوا يمكن إقامة الجهاد بغير إمام، وليس الإمام شرطا في إقامة الجهاد... إلى غير ذلك من التمحلات.
مخ ۵