والمصطفى قال إن العلم في عقبي *** فاطلبه ثم وخل الناصب القالي قال : «اللهم اجعل العلم في عقبي وعقب عقبي..» الحديث، دعوة مقبولة غير مردودة استجابها رب كريم، فزخرت ينابيع علومهم عذبا فراتا، واستخرجوا من مغاصات يعبوبهم دررا فصارت للطالبين كعبة وميقاتا، ولما أن يسر الله -وله الحمد- تسهيل النشر بالطبع والإخراج، بعد أن كانت تلك المؤلفات في بطون الأدراج، برزت تلك العقائد كأنها الشمس الضاحية في وسط النهار، فحصل بذلك الهداية للبادين والحضار، وانتفع بها أهل النهى والأفكار، أما من عند عن الحق ونكص على عقبيه فإلى دار البوار.
ولما كانت عقائد أهل البيت" وشيعتهم الأخيار الأبرار في العقائد الإلهية من توحيد وعدل، ووعد ووعيد، ونبوات وإمامات، وأمر بمعروف ونهي عن منكر، تتركز على الدليل القاطع، ولا يرون التقليد فيها، لا جرم كان تمحيص دليل كل مسئلة، ودفع ما يرد على ذلك الدليل من شبهة، يتخيل الناظر أنها تنقض الدلالة أو تضعفها لتكون الأدلة سليمة عن المطاعن، وهذا هو دأب المحصلين الذين يدأبون لتخليص أدلة الاعتقاد عن شبهة تشكك فيه، لتكون اعتقاداتهم سليمة، وصحيحة مستقيمة، عملا بقوله تعالى: (الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه)[الزمر:18]، وبحديث: «ومن أخذ دينه عن التدبر لكتاب والتفهم لسنتي زالت الرواسي ولم يزل، ومن أخذ دينه عن أفواه الرجال وقلدهم فيه، ذهبت به الرجال من يمين إلى شمال ، وكان من دين الله على أعظم زوال».
مخ ۴