375

در منظوم

الدر المنظوم الحاوي لأنواع العلوم

ژانرونه

شعه فقه

الفصل الثالث غير خاف أن التوبة تلاف لما فرط من التائب وسلف منه من المعاصي والمثالب، فينبغي أن يكون التلافي على أبلغ وجه يمكن أن يقع عليه، وهو أن يندم غاية الندم على ما سبق منه وتقدم، ويعزم في المستقبل على أن لا يعود إلى شيء من جنس ما ندم عليه، ويكون ذلك خالصا لوجه الله تعالى، وموجبا لزوال سخطه وحصول رضاه، قال الله سبحانه:?ياأيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا? [التحريم:8]، والمراد متداركة للفرطات ماحية للسيئات، ومن التدارك اللازم الدال على أن التائب على الحقيقة نادم أن يخرج الظالم عن المظالم، ويتقصي عن الجنايات والجرائم، لا يقصد سمعة ولا رياء، ولا نيل عرض الحياة الدنيا، ولا تمام أرب يحاوله، ولا نجح مرام يزاوله، عن علي عليه السلام أنه سمع أعرابيا يقول: اللهم إني أستغفرك وأتوب إليك، فقال: «يا هذا إن سرعة اللسان بالتوبة توبة الكذابين، قال: فما التوبة؟ قال يجمعها ستة أشياء:على الماضي من الذنوب الندامة، وللفرائض الإعادة، ورد المظالم واستحلال الخصوم، وأن تعزم على أن لا تعود وأن تذيب نفسك في طاعة الله كما ربيتها في المعصية، وأن تذيقها مرارة الطاعات كما أذقتها حلاوة المعاصي)، فتكون توبة من أراد أمرا يناله فصد عنه بأن وصفت بالقبح أفعاله، فحمله الإشفاق على تمام ما رام على أن يظهر التوبة عن المعاصي والآثام، وهل يدرج ذلك على أريب أو يلتبس في نظر اليقظ اللبيب، ولقد وقفنا على كتاب فيه أن هذا المشار إليه لما كاتب بعض الكبراء والتمس منه الإجابة، أجاب عليه: بأنك كنت على مالا يرتضى، فلو أنك أظهرت التوبة عما سلف منك لعل ذلك يكون سببا في حصول مرامك، وكأن ذلك أتى يعترف بما كان يقترف ليبطل دعواه، ويقل جدواه، فلم يكن بأسرع من رده للجواب بإظهار المتاب، فيا للعجب العجاب من هذه التوبة التي قصد بها تحصيل الإجابة لا الإنابة، وكانت باللسان والقلم لا بالجنان والندم، هل مثل ذلك إلا معتبه لا منقبة، ومخزية لا مرضية، فإن إظهار الطاعة لا لوجه الله أخسر بضاعة، ?أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون?[يونس:35] سلمنا أن هذه التوبة التي ظهرت لنا لا نعلم ولا يغلب على ظننا أنها غير خالصة لله، ولا قصد بها رضاه، بل توبة لا يعلم قصد ولا سر غايتها، أليست الإمامة محتاجة إلى العدالة المحققة، وكل من سقطت عدالته فلا بد من الخبرة له بعد التوبة اتفاقا فيمن كان ذلك حاله قبل الدعوة، واختبارا فيمن عرض له سقوط العدالة بعد ثبوت الإمامة، وإذا كان رجل معروف بعدم العدالة ثم تاب وأدى شهادة عقيب التوبة في درهم أو دونه لا تقبل شهادته ولا توقف حتى تتم خبرته، بل يكون وجودها كعدمها، وأداؤها ككتمها، فما ظنك بمن يروم الإمامة والتصرفات العامة، وتولى أموال الله، والإستيلاء على تصرفات شرع الله، يا لله من هذا اللبس الذي عرض في الدين ووسوست به الشياطين.

قال في (شفاء الأوام) في حق من فعل ما يقدح في الإمامة بعد ثبوتها: لا بد من وقوع التوبة ظاهرا أو وقوع الإختبار، وأقل مدة الاختبارسنة، ثم يجدد الدعوة بعد ذلك، لأن حاله لا يقصر عن حال الشاهد، فقد ذكر العلماء أنه إذا تاب اختبرت توبته مدة وقدر بعضهم سنة، والإمام بذلك أولى، لأنه يتصرف في الدماء والنفوس والأموال، انتهى.

مخ ۳۹۶