Duroos of Sheikh Khalid Al-Mosleh
دروس للشيخ خالد المصلح
ژانرونه
مشروعية البكاء عند قراءة القرآن
كان الصحابة ﵃ يكثرون البكاء عند آيات الكتاب، ولا عجب فقد رءوا ذلك من رسولهم ﷺ، وقبل ذلك فإن الله جل وعلا أثنى في كتابه على الأنبياء وعلى أولي العلم الذين يخرون للأذقان سجدًا يبكون مما في هذا الكتاب من المواعظ، قال الله جل وعلا في وصف جماعة من الأنبياء: ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا﴾ [مريم:٥٨]، وانظر إلى قوله: (خروا) فإنه يدل ويشعر بالمسارعة إلى السجود، وأن سجودهم سجود ذل وخضوع وانكسار وتضرع، ﴿خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا﴾ [مريم:٥٨]، وأيضًا أخبر الله جل وعلا عن قوم من أهل الكتاب فقال ﷾: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾ [المائدة:٨٣]، فشواهد ثناء الله جل وعلا على الباكين عند تلاوة القرآن كثيرة، وهي من الفضائل التي امتدح الله بها من امتدح من النبيين، وأولي العلم، ومَنْ تعقلوا وتدبروا ما في هذا الكتاب من الحكم، ولذلك كان سيد ولد آدم صلى الله عليه وعلى آله وسلم من أعظم الخلق نصيبًا في ذلك، ففي حديث عبد الله بن الشخير قال: (رأيت رسول الله ﷺ يصلي بنا -أي: يصلي بالصحابة- وفي صدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء) والأزيز: هو الحركة والحنين الناتج عن التدبر والتأثر بالقرآن الحكيم، وقد صح عن النبي ﷺ في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود أن النبي ﷺ قال له: (اقرأ عليَّ، فقال عبد الله ﵁: أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال النبي ﷺ: فإني أحب أن أسمعه من غيري، يقول: فقرأت عليه سورة النساء، حتى بلغت قول الله تعالى: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا﴾ [النساء:٤١] فقال له رسول الله ﷺ: أمسك، فإذا عيناه تذرفان) فبكى ﷺ الله عليه وسلم متأثرًا بالقرآن.
هذان مثالان فقط، وإلا فإن البكاء من هديه ﷺ، فإنه كان كثير البكاء والتأثر بالقرآن؛ لما تضمنه من الحكم والعبر والآيات.
2 / 14