Duroos by Sheikh Ali Bin Umar Badahdah
دروس للشيخ علي بن عمر بادحدح
ژانرونه
الآثار المترتبة على ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين، وعلى من تبعهم واقتفى أثرهم ونهج نهجهم إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.
أما بعد: أيها الإخوة المؤمنون! أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله، فإن تقوى الله أعظم زاد يقدم به العبد على مولاه، وإن من أعظم التقوى: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والغيرة على حرمات الله، وإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دليل حب لله، وتعظيم وإجلال له؛ لأنه كما قالت عائشة أم المؤمنين في وصف سيد الخلق ﷺ: (ما نيل من شيء قط فينتقم لصاحبه، إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم منه) رواه مسلم.
قال ابن القيم في شأن هذه الغيرة: المهم أن نحميها في قلوبنا، أي دين وأي خير فيمن يرى محارم الله تنتهك، وحدوده تضيع، ودينه يترك، وسنة رسوله ﷺ يرغب عنها وهو بارد القلب، ساكت اللسان، شيطان أخرس، كما أن المتكلم بالباطل شيطان ناطق؟! وهل بلية الدين إلا من هؤلاء الذين إذا سلمت لهم مآكلهم ورئاستهم فلا مبالاة بما جرى على الدين وأهله؟ وتأملوا فقه أصحاب محمد ﷺ: سئل ابن مسعود ﵁: من ميت الأحياء يا ابن مسعود؟ قال ﵁: (الذي لا يعرف معروفًا، ولا ينكر منكرًا) فكم بين أحيائنا أموات وإن كانوا يتحركون ويتكلمون ويأكلون ويشربون نسأل الله ﷿ العافية! ومن المآثر المهمة لمثل هذه الشعيرة: أن تبقى الذكرى قائمة، وأن يبقى ما ينزع وما يبطل الغفلة حيًا مذكورًا مشاعًا في المجتمع، حتى لا تغفل العقول، ولا تموت القلوب، ولا تخمد النفوس في دينها، بسبب عدم إنكار المنكر الذي يرتكب في واقعها ومجتمعها.
قال إمام الحرم الشيخ ابن حميد حفظه الله في هذا المعنى كلامًا جميلًا، قال: ولو طوي بساط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأهمل علمه وعمله؛ لتعطلت الشريعة، واضمحلت الديانة، وعمت الغفلة، وفشت الضلالة، وشاعت الجهالة، واستشرى الفساد، واتسع الخرق، وخربت البلاد، وهلك العباد، وحينئذ يحل عذاب الله، وإن عذاب الله لشديد.
أبلغ هذه النصوص الشرعية والأحاديث النبوية والمقالات العلمية، وهو يحتاج منا إلى أن نعيده ونكرره عسى الله ﷿ أن يحفظ علينا إيماننا وغيرتنا، وحميتنا وانتصارنا لدين الله، وانتصارنا لسنة رسول الله ﷺ.
اللهم إنا نسألك العفو والعافية، والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة، اللهم أحسن ختامنا وعاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، اللهم إنا نسألك أن تجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم نلقاك وأنت راض عنا يا رب العالمين! اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه، اللهم مكن في الأمة لأهل الخير والرشاد، واقمع أهل الزيغ والفساد، وارفع في الأمة علم الجهاد، ولا تؤاخذنا اللهم بما فعل السفهاء منا يا رب العالمين! اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وارفع بفضلك كلمة الحق والدين، ونكس رايات الكفرة والملحدين، اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بخير فوفقه لكل خير، ومن أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء فاجعل دائرة السوء عليه، واجعل تدبيره تدميرًا عليه يا سميع الدعاء! اللهم عليك بسائر أعداء الدين فإنهم لا يعجزونك أحصهم عددًا، واقتلهم بددًا، ولا تغادر منهم أحدًا، اللهم ارحم إخواننا المسلمين المستضعفين في كل مكان يا رب العالمين! اللهم سهل عبرتهم، وسكن لوعتهم، وفرج همهم، ونفس كربهم، وعجل فرجهم، وقرب نصرهم، وادحر عدوهم، وزد إيمانهم، وعظم يقينهم، واجعل ما قضيت عليهم زيادة لهم في الإيمان واليقين، ولا تجعله فتنة لهم في الدين، واجعل لنا ولهم من كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ومن كل فتنة عصمة، ومن كل بلاء عافية يا سميع الدعاء! اللهم انصر عبادك وجندك المجاهدين في كل مكان يا رب العالمين! اللهم اجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا رخاءً وسائر بلاد المسلمين، وأصلح اللهم أئمتنا، وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين! اللهم وفق ولي أمرنا لهداك، واجعل عمله في رضاك، وارزقه بطانة صالحة تدله على الخير وتحثه عليه يا سميع الدعاء! عباد الله! صلوا وسلموا على رسول الله؛ استجابة لأمر الله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب:٥٦].
وترضوا على الصحابة الكرام، وخصوا منهم بالذكر ذوي القدر العلي، والمقام الجلي، وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعلى سائر الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين، ﴿وَأَقِمْ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾ [العنكبوت:٤٥].
6 / 11