99

دموع البلياتشو

دموع البلياتشو: مجموعة قصصية تنشر لأول مرة

ژانرونه

تسرعت ولمت نفسي بعد ذلك على طيشي: إذن فسوف تجد الطريق بعد قليل. - الطريق في كل مكان وليس له مكان، هو فيك وتحت أقدامك، ولكنهم تنكبوه وتخلوا عنه فتخلى عنهم، لم يفهم رأسي الصغير ما يقصده فربت بكفي على ظهر الثور وقلت: المهم أن الطرق المعوجة قد انتهت. - المعوج سوف يستقيم، والمنحني سوف يعتدل، الأجوف سوف يمتلئ، والبالي سوف يتجدد.

لم أستطع كذلك أن أفهم كلماته التي ترددت كترنيمة كاهن أو شدو طائر أسطوري غريب، أسرعت مرة أخرى أعبر عن فرحي وصحت: المهم أننا سنتوقف هنا يا معلمي! افرح أيها الثور الإلهي فسوف تلتقط أنفاسك وتهنأ بالعشب الندي الوفير!

قاطعتني إشارة محذرة من يده الممتدة نحوي فأمسكت عن الهراء وأسرعت أساعده على الهبوط من على ظهر الدابة التي توقفت أيضا عن السير وأطرقت برأسها واتسعت عيناها دهشة من هذه الكلمات التي تساقطت علينا: - من يعرف متى ينبغي عليه التوقف لا يتعرض لأذى، من يعرف القناعة لا يلحقه عار. •••

سحبت الثور الأسود من مقوده بعد أن مررت بكفي على رأسه ورقبته وظهره، واطمأننت على المعلم الذي ترجل على مهل ووضع الكتاب الذي كان يطالع فيه بين الحين والحين والغليون الذي كان ينفث منه الدخان في جيب الجراب الجلدي العتيق المسود من لفحات الشمس وذرات الغبار، ولم نكد نهبط خطوات على المنحدر الصخري الضيق في اتجاه محطة الحدود حتى لمحنا شبح رجل طويل ونحيل يقف هناك في انتظارنا، وعندما اقتربنا من العارض الخشبي الباهت الألوان أمام الكوخ واستوى الدرب الممتد أمامنا توقف معلمي وطلب مني أن أساعده على الركوب، أخذت بيده التي استندت على كتفي وهو يرفع قامته ثم يحنيها ليستريح على ظهر الثور، وقلت منزعجا: هل تحس بشيء يا سيدي؟ قال في هدوء وهو يثبت قدميه حول بطن الدابة: لا يا ولدي، مجرد إغماءة ستزول بعد قليل، انظر، هذا الرجل القادم كفيل بعلاجها!

وأقبل علينا الرجل الطويل الذي بدا على البعد كجرادة كبيرة، تقدم منا في مشيته الحذرة وبدأنا نطالع تقاطيع وجهه النحيل الصارم، وتوقعت أن تبدأ متاعب السؤال والتفتيش وتحصيل الضريبة والشك المزمن في أعين حراس الجمارك، قال في هدوء وهو يلقي نظرة سريعة على الثور والجراب الجلدي الأجرب ثم يسلطها بغير اهتمام على المعلم وعلي: هل من شيء يستحق الضريبة؟

قلت بثقة لا حد لها: لا شيء يا سيدي.

عاد يسألني وهو يتحسس الجراب بعناية ويثبت بصره على الوجه الصامت العجوز: بضائع مهربة؟ أشياء محظورة؟

كررت بصوت هادئ لم يخف رنة السخرية وأنا أتابع فحصه للزاد القليل واستخراج الغليون والكتاب من الجراب: لا تحف ولا ذهب ولا حرير؟ ما قصة هذا الكتاب؟

قلت وأنا أنظر لمعلمي الذي لزم الصمت: لقد كان يعلم.

سأل وهو يثبت بصره على الوجه الصخري الحزين: وماذا كان يعلم؟

ناپیژندل شوی مخ