فإن قال قائل: أو ليس العلم عندكم غير العقل؟ (¬1) قيل له: إنما سمي علمنا عقلا على التوسع تشبيها بالعقل الذي هو السد والمنع؛ لأن علمنا بحسن الحسن وقبح القبيح هو منع لنا من ركوب القبيح وترك الحسن، فسمي العلم عقلا (¬2) من هذا الوجه توسعا، وعلم الله سبحانه وتعالى لا يجوز أن يكون منعا له عن شيء؛ لأنه لا يجوز على الله تعالى المنع، كما لا يجوز أن يكون مخلى؛ لأن التخلية والمنع إنما يجوزان /26/ على من تتوق نفسه إلى الأشياء فيمتنع من ذلك ويكف عنه بمثل ما وصفنا، وهذا غير جائز على الله عز وجل، فلم يجز أن يقال إنه عاقل.
* مسألة [لم يختلف الحكم بين بعض الصفات مع أنها بمعنى واحد؟]:
فإن قال: فما أنكرتم أن يكون معنى هذه الصفات كلها معنى واحدا ؟ وإنما جاز أن يوصف بأنه عالم ولم يجز أن يوصف بأنه يعقل ويفطن ويحس وإن كان معنى ذلك هو معنى العلم لأن الله تعالى لم يصف بذلك نفسه في القرآن، ولم يصفه بذلك رسوله j. قيل له: لو كان الأمر كذلك لوجب على أهل العقل من أهل اللغة أن يصفوه بجميع هذه الصفات من قبل أن يأتيهم الرسول j، ومن قبل أن ينزل القرآن. كما كان عليهم أن يصفوه بأنه عالم بالأشياء من قبل أن يأتيهم الرسول عليه السلام وينزل القرآن؛ لأنهم يعرفون معاني هذه الصفات.
فصل [وصف الله تعالى بالفهم والفقه والشم والذوق والصبر والفضل والكمال ونحوها]
مخ ۴۸