په ادبی او ټولنیزو مذهبونو کې مطالعات
دراسات في المذاهب الأدبية والاجتماعية
ژانرونه
تغمد حقي ظالما ولوى يدي
لوى يده الله الذي هو غالبه
ولم تزل هذه طريقة التدريب والتنشئة في الصحراء من أزمنة الجاهلية إلى الزمن الحديث.
ثم اتسعت الحضارة العربية في الآفاق، وقصرت تلك الأساليب الفطرية عن الوفاء بحاجة الدولة إلى المتعلمين لهذه الصناعة، وهم درجات يمكن أن نحصرها في درجتين اثنتين:
أولاهما: تعليم الأطفال إلى السن التي يحفظون فيها القرآن كله أو بعضه، ويلمون فيها بقواعد الكتابة والحساب، وكان ذلك موكولا إلى أناس من الحفاظ يتوسطون بين مرتبة الأميين ومرتبة المثقفين، ولا يحسبون منهم في كثير من الأحوال.
ويرتقي الطالب من هذه المرتبة إلى ما فوقها، وهي مرتبة التوسع في التحصيل، أو مرتبة التخصص والاستقصاء، وينشدها الطالب في حلقات الدرس العامة، وأكثرها في المساجد التي يجلس فيها الأساتذة لإلقاء دروسهم على كل من يحضرها، ويواصل حضورها على اختلاف موضوعاتها، من فقه ولغة وأدب ومنطق وطبيعيات ورياضيات، وقد كانت دروس الرياضيات والمنطق أيضا مما يلقى في مساجد العبادة صدرا من بداية الدولة الإسلامية، ثم عكف طلابها على بيوت أساتذتها أو على المدارس التي كانت تفتح للدرس دون العبادة، ولا سيما المدارس المقصورة على تخريج الأطباء.
ولا شك أن هذا «البرنامج التعليمي» العام قد صاحب الدولة العربية إلى العهد الأخير الذي أدركناه، ولا تزال بقاياه مشهودة في مصر وفي غيرها من البلاد الإسلامية، فلم تزل الحلقات والمكاتب المعروفة عندنا باسم «الكتاتيب» هي أماكن التعليم التي يؤمها الكبار والصغار منذ أوائل الدولة العربية إلى عهد قريب.
لكن الحلقات والمكاتب لم تستأثر بالتعليم كله في عصور الدولة العربية ولا سيما عصورها الذهبية، وإنما كانت هي مثابة «التعليم العام» المباح لكل من يحضره ويواصل حضوره، ووراء ذلك تعليم لا يباح لكل طالب، ولا يحضره غير أهله في رأي أساتذته القادرين عليه، وهذا التعليم المضنون به على غير أهله قسمان: قسم يتصل بحكمة الدين، وقسم يتصل بالحكمة على الإطلاق، أو قسم المتصوفة وعلماء الكلام، وقسم الفلاسفة وعلماء الطبيعيات والرياضيات.
فالغزالي، وهو قدوة الأساتذة الأولين، يرى أن يقصر العلم في مسائل الكلام العويصة على صفوة المتعلمين الأطهار درجات بعد درجات، أو كما قال في كتابه إلجام العوام عن علم الكلام: «فقد خلق الناس أشتاتا متفاوتين كمعادن الذهب والفضة وسائر الجواهر، فانظر إلى تفاوتها وتباعد ما بينها صورة ولونا وخاصية ونفاسة، فكذلك القلوب معادن لسائر جواهر المعارف، فبعضها معدن النبوة والولاية ومعرفة الله تعالى، وبعضها معدن للشهوات البهيمية والأخلاق الشيطانية ...»
والغالب في المتصوفة أنهم كانوا يمتحنون قدرة المريد على الوصول بما ينشده من معرفة «السر الأعظم» الذي يتوق إليه جميع الباحثين عن الحقيقة، فما دام مقصده منه قوة التسلط أو القدرة على تسخير العناصر المادية والإتيان بالخوارق فهو بعيد عن مرتبة الوصول، فإذا أنست نفسه إلى سعادة المعرفة لغير مأرب من هذه المآرب الجسدية، واكتفى من البحث بأن يعرف ليعرف، وأن يخلص إلى الحقيقة ليسعد بالخلوص إليها، فهو قد استغنى عن القيادة الروحية وبلغ الغاية التي لا يفاجأ فيها بإنكار تلك المطالب أو إنكار السعي إليها، ويومئذ لا يسوؤه أن يعلم كما علم الغزالي «أن الخلائق - وإن اتسعت معرفتهم وغزر علمهم - فإذا أضيف ذلك إلى علم الله سبحانه؛ فما أوتوا من العلم إلا قليلا.»
ناپیژندل شوی مخ