دراسات فلسفية غربية
دراسات فلسفية (الجزء الثاني): في الفلسفة الغربية الحديثة والمعاصرة
ژانرونه
Weltanschaunung . هذا هو الفرق بين التاريخ الطبيعي والتاريخ الإنساني. التاريخ الطبيعي لا ذاكرة له، أما التاريخ الإنساني فيعيش في الذاكرة، ولا يبدأ مطلقا بداية جديدة. وقد أثبتت تجارب كوهلر
KöhIer
أن الفرق الوحيد بين الشمبانزي والإنسان هو تميز الإنسان بالذاكرة، الإنسان ذاكرة والحيوان مادة على ما يقول برجسون. ويكون ثراء الإنسان هو مدى استفادته من محاولات الصواب والخطأ؛ لذلك يعرف نيتشه الإنسان الأسمى بأنه الموجود الذي يتمتع بأطول ذاكرة. وهذا هو السبب في جعل الشعب الإنكليزي قانونه قانونا تاريخيا يكون حكم الواقعة الحاضرة في الحالة السابقة. أما الثورات المتقطعة المنفصلة عن تاريخها (الثورة الكمالية في تركيا مثلا) فهي ثورات مرضية أو انقلابات عسكرية أو تمرد طبقي. الثورة حركة الجماهير وليست انقطاعا عن الماضي، تكسر خط مستمر، وقفز في مسار واحد، وهذا أيضا ما تتميز به أوروبا بحسها التاريخي عن أمريكا بلد الرخاء. فهناك قصر نظر في السياسة الأمريكية وتركيز على رؤية الحاضر والواقع المباشر دون أي حس تاريخي بحركات الشعوب. ومن يتصور أن أمريكا بلد المستقبل ينسى انعدام حسها التاريخي.
ثالثا:
العيش على مستوى العصر، ويدل هذا التعبير على أن الجماهير اليوم تعيش على مستوى الأحداث والمسئولية، تعيش زمانها الحيوي، وتعاني مشاكل عصرها. وهو ليس الزمان الذي تبينه عقارب الساعة أو نتائج الحائط السنوية، بل هو عصرها الذهبي الذي تشعر فيه بتحققها أي أنه زمان المعاصرة. وهو تعبير مغاير لتعبير السقوط أو الانهيار لأن العيش على مستوى العصر هو العيش في سمت الزمان
Le hauteur du temps
وعلى هذا النحو تشعر الجماهير بالأحداث. وكثيرا ما يرى الناس قمة الزمان في العصر الذهبي أو العصر القديم كما هو الحال عند دعاة الكلاسيكية أو التقليديين. وهي الفترة التي يشعر فيها الناس باكتمال الزمان أو انتهائه كما حدث للمسيحيين الأوائل بظهور المسيح أو عند هيجل بتحقق المطلق. وفي هذا العصر يكون الاكتمال في الإشباع أو في النجاح أو في الوفرة. إن المعاصرة هي أن يعيش الإنسان حياة عصره وأن يشعر أن حاضره أفضل من ماضيه. ومن خصائص هذا العصر أنه عصر الجماهير، ولا ترى أحداثه إلا من خلال الجماهير. لقد صعدت الجماهير إلى مستوى التاريخ، وظهرت كمبادرة تاريخية وكأنها في موعد مع القدر. قررت أن تتقدم إلى الصفوف الأولى وتحتل مكان الصدارة وأن تستعمل طرقا وأساليب وأدوات متنوعة، وأن تتمتع بمناهج كانت من قبل حكرا على عدد قليل. لقد ورثت الجماهير الصفوة، دون أن تلغي نفسها كجماهير. عصر الجماهير هو عصر الفخامة والعظمة على ما يقول اشبنجلر. وكل تفسير للعصر لا يظهر الدلالة الإيجابية المختفية لسيطرة الجماهير فإنه تفسير خاطئ. تبدو أصالة الجماهير في مدى ارتباطها بالتاريخ وتحملها مسئوليته؛ وبالتالي فإن عظمة العصر تأتي من عظمة الحاضر لا من عظمة الماضي. بل إن من سمات العصر تلك الهوة السحيقة بين الماضي والحاضر، العصر الحاضر لا يحتضر كما هو الحال عند أونامونو بل هو قمة الزمان، روح العصر، ما يطلق عليه كل جيل زماننا، عصر ازدهار الحضارات، عصر الملاء الحيوي بصرف النظر عن الإشباع أو النجاح أو التحقق. العصر الحاضر هو عصر الثورات سواء في البلاد المتطورة أو في البلاد النامية، ومن يعيش معاصرا هو من يعيش ثائرا، ومن يؤثر الاستكانة أو النكوص عن ثورة الجماهير فإنه يتخلى عن عصره، ويعيش معزولا في عصره الخاص كما يفعل كثير من علماء البلاد النامية الذين يقضون حياتهم في الخارج مؤثرين عصر التكنولوجيا واليسر على عصر ثورة الجماهير ؛ لذلك كان الالتزام بقضايا العصر هو العمل الفلسفي الأول، والمساهمة في ثورة الجماهير هو السلوك الوحيد الممكن. بل إن وحدة الثورة العالمية أصبحت ممثلة لحركة الجماهير.
تدل هذه الخصائص الثلاثة على نماء الحياة
La Croisssance de la vie
إذ يعيش كل فرد حياته بكامل قواه، لا يظهر النماء في ازدياد السرعة في الزمان أو في تخطي المكان بل في محاولة الهدم والبناء المستمرة وفي النشاط الحيوي الزائد. إذ يقدم العصر الحاضر في البلاد المتطورة إمكانيات واسعة للاختيار. وفي هذه الحالة يكون النماء هو شعورنا بالقدرة على الاختيار بين الممكنات التي تحتم نفسها علينا، وتكون الحياة هي العيش تحت ظروف معينة أو في العالم. وهو المعنى اللغوي للفظ عالم
ناپیژندل شوی مخ