دراسات فلسفية غربية
دراسات فلسفية (الجزء الثاني): في الفلسفة الغربية الحديثة والمعاصرة
ژانرونه
فقد كتب قبل الحرب الأهلية دفاعا عن وحدة البلاد. فإذا كان أورتيجا مفكر الجمهوريين فإنه يكون لثورة الجماهير معنى إيجابي والحال ليس كذلك. في حين ألهبت ثورة الجمهوريين خيال المفكرين والأدباء كما هو الحال في رواية «لمن تدق الأجراس» لهمنغواي. حتى هذان الاحتمالان غير واضحين في «ثورة الجماهير». بل إن السؤال النهائي في الفصل الختامي «إلى أين ينتهي السؤال الحقيقي» والذي هو أشبه بخاتمة للكتاب كله لا يتضح منه غرض الكتاب، ولا يحتوي على الإجابة الرئيسية على: ماذا تعني ثورة الجماهير؟ أية ثورة وأية جماهير؟ وبالنسبة لنا في العالم الثالث لا نجد أيضا إجابة لهمومنا وهي حركات التحرر الوطني وما تولد عنها من ثورات مضادة في القرن العشرين. وماذا عن انتحار الشعوب وموتها جوعا وعطشا كما هو حادث في أثيوبيا وتشاد والسودان؟ وماذا عن نقل الشعوب خارج أوطانها ووضع شعوب أخرى محلها كما هو حادث في فلسطين؟
ومهما يكن من شيء، هل يمكن العثور على نسق موحد يمكن على أساسه فهم ماذا تعني «ثورة الجماهير»؟ إن نقطة البداية في فلسفة أورتيجا هي «العقل الحيوي» في مقابل العقل المجرد أو العقل النظري كما تصوره المثاليون. العقل الحيوي يثبت الفرد وواقع الأشياء في حين أن العقل النظري يقضي على واقعية الأشياء، هو العقل الرياضي الذي يحيل العالم إلى معادلات أو العقل الطبيعي الذي يحيله إلى رموز أو العقل الفلسفي الذي يحيله إلى تصورات. في مقابل هذا العقل التقليدي يضع أورتيجا العقل الحيوي، وهو أسلوب في التعامل، طريقة في الحياة أو الحياة نفسها. هو الفعل
Le Faire
أو تحقيق الحياة باعتبارها مشروعا. العقل الحيوي هو «الأنا في موقف»، يختار بين الممكنات، مهمته إدراك هذا العالم السابق على الحكم الذي حاول هوسرل في «التجربة والحكم» الكشف عنه وإعادة تكوينه. بل إن العقل المجرد نفسه هو إحدى صور العقل الحيوي. على هذا النحو يشير أورتيجا مع معظم الفلاسفة المعاصرين الذين يجعلون من الحياة انطلاقا لهم كما هو الحال عند برجسون، ووليم جيمس، وماكس شيلر، واشبنجلر، وجويو، وفوييه استمرارا لهذا التيار الذي بدأه دلتاي ودريش من قبل في القرن الماضي وجولد شتين في هذا القرن. والحياة هي الموضوع المشترك بين جميع الفلاسفة المعاصرين - كما كانت الرياضة هي العامل المشترك بين فلاسفة القرن السابع عشر - بصرف النظر عن أسمائها: «تصور العالم» عند دلتاي، «العضو» عند جولد شتين، «الدافع الحيوي» أو «التطور الخالق» أو «الذاكرة» أو «المعطى البديهي للوجدان» عند برجسون، «الإحساس الدرامي» عند أونامونو، «عالم الحياة» عند هوسرل، «الشخص» عند شيلر ومونييه، «الجسم» عند ميرلو بونتي، حتى الحرية أو العدم عند سارتر، والوجود أو الموت عند هيدجر هي أيضا بعض صور الحياة. وقد يبدو الجمع بين العقل والحياة مستحيلا طبقا لمنطلق «إما ... وإما ...» على التبادل كما هو الحال عند كيركجارد ومعظم اتجاهات الفلسفة المعاصرة. إلا أن أورتيجا يشير بالعقل الحيوي إلى شيء أشبه بالدافع الحيوي على ما يقصده برجسون وكأنه يريد الإبقاء على لفظ العقل تحت تأثير مدرسة ماربورج ودراسته للفلسفة الألمانية. يكفيه ربطه بالحياة ودون اللجوء إلى تراجيديا الحياة كما فعل أستاذه أونامونو. والحقيقة أن إحساس العصر بالحياة كنقطة بداية عند معظم الفلاسفة المعاصرين إنما نشأ بسبب حربين عالميتين كان مصير الإنسان فيهما معلقا بين الحياة والموت، ومن رغبة البحث عن معنى الأشياء بالعودة إليها بعد رفض عصر النهضة والفلسفات العقلية وعصر التنوير كل قيم مسبقة، وبعد انهيار القيم البديلة التي وضعها القرن التاسع عشر؛ إذ تحول العلم إلى آلة، والتقدم إلى غزو، والقوة إلى استعمار، والإنتاج إلى استغلال، والتضخم إلى حروب، والوفرة إلى انتحار، والتقدم إلى يأس.
ونتيجة لذلك، أعطى أورتيجا الأولوية للعقل العملي على العقل النظري كمعظم الفلاسفة المعاصرين. فالأفكار
ldées
لديه أقرب إلى العقائد
Croyance
منها إلى التصورات النظرية، والفكر
أقرب إلى الحياة منه إلى المعرفة المجردة
ناپیژندل شوی مخ