دراسات فلسفية غربية
دراسات فلسفية (الجزء الثاني): في الفلسفة الغربية الحديثة والمعاصرة
ژانرونه
فقد انتقلت الحضارة الأوروبية كلها من التمركز حول الله
Theocentrism
إلى التمركز حول الإنسان
Anthropocentrism
وقد ظهر ذلك في عصر الإحياء في القرن الرابع عشر عندما تم بعث الآداب القديمة التي تعلي من شأن الإنسان في مواجهة الآلهة. كما استمر ذلك الإصلاح الديني في الخامس عشر بدخول الإنسان في علاقة مباشرة بينه وبين الله، وإيمانه في اللحظة دون توسط الكنيسة، وحريته في الفهم والتفسير للكتاب المقدس. وقوي ذلك في عصر النهضة في السادس عشر حين أصبح الإنسان هو الموضوع الأول للعلوم. فنشأت العلوم البيولوجية مع العلوم الطبيعية والرياضية، بل ونشأ الاتجاه الإنساني
Humanism
عند أراسم (1469-1536م). فقد كان يستحيل ظهور مفهوم التقدم أو التاريخ في عالم يطويه الله بين يديه، ويضعه تحت إبطيه دون أن يكون للعالم استقلاله ووجوده الخاص، ودون أن يكون له حركته وتطوره وقانونه؛ ومن ثم تم اكتشاف الحركة في الدراما والارتقاء في العلوم البيولوجية قبل اكتشاف التقدم في العلوم التاريخية. (2)
كما انتقلت الحضارة الأوروبية الحديثة من التصور الدائري للزمان، ذلك التصور الذي كان سائدا في الحضارات القديمة إلى التصور التقدمي للزمان. كان التصور الأول مرتبطا بالخلود، وبالعود على بدء، وبالبداية والنهاية من أجل حل قضية الصلة بين الزمان والخلود. وفي هذا التصور تكون الأولوية فيه للخلود على الزمان. في حين ارتبط التصور الثاني بالزمان دون الخلود، وبمراحل الزمان وفترات التاريخ وتعاقب الأجيال وتوالي العصور والأزمان. هذا التصور الأول جعل التقدم يسير إلى الوراء طبقا لقانون القهقري
Recoursi
لحاقا بالفردوس المفقود، وهروبا من هذه الأرض الخراب، ورجوعا إلى العصر الذهبي، وابتعادا عن عصر الفساد والانهيار. في حين أصبح التقدم في التصور الثاني تقدما مستمرا، اليوم أفضل من الأمس، والغد أفضل من اليوم. لا رجوع إلى الوراء، ولا عودة بالزمن، فالزمان يسير في خط مستمر إلى الأمام. لا انتكاس فيه ولا نكوص؛ لذلك انتقل الوعي الأوروبي من التشاؤم إلى التفاؤل، ومن الإحجام إلى الإقدام، ومن الخوف والشك ومن والترقب إلى الثقة بالنفس واليقين والعمل.
ناپیژندل شوی مخ