113

دراسات عن مقدمة ابن خلدون

دراسات عن مقدمة ابن خلدون

ژانرونه

كانت تدل في اللاتينية القديمة على «التصويت»، غير أنها أخذت في القرون الوسطى معنى آخر هو «المساعدة والإمداد»، ومن البديهي أن الفرق بين المعنيين كبير جدا.

يميل المرء - عادة - ميلا غريزيا إلى تفسير الكلمة الواحدة بمعنى واحد دائما، ولكن هذا الميل كثيرا ما يؤدي إلى أغلاط فادحة عند قراءة الكتابات القديمة والنصوص التاريخية، فيجب على الباحث أن يعود نفسه مقاومة هذا الميل الغريزي الذي يحمل الذهن على تفسير جميع الكلمات والعبارات حسب المعاني المعروفة والمألوفة، كما يجب عليه أن يضيف إلى «التفسير الصرفي والنحوي» تفسيرا «لغويا تاريخيا» أدق وأعمق منه؛ وذلك مراعاة للحقائق والمبادئ التالية: (أ)

اللغة تتطور تطورا مستمرا، فلكل دور لغة خاصة به، يختلف عن لغات سائر الأدوار قليلا أو كثيرا، فيجب على الباحث أن يعرف لغة العهد الذي كتبت فيه الوثيقة لكي يفهم معناها حق الفهم. (ب)

إن استعمال الكلمات مما يمكن أن يختلف بين مكان ومكان، فعلى الباحث أن ينعم النظر في لغة المحل الذي كتبت فيه الوثيقة لكيلا يغلط في فهم المعنى المقصود منها. (ج)

إن لكل مؤلف أسلوبا خاصا في استعمال الكلمات والتعبير عن الأفكار، فيجب على الباحث أن يدرس لغة المؤلف وأسلوبه، وأن ينتبه إلى المعاني الخاصة التي ربما كان يقصدها من تلك الكلمات. (د)

إن الكلمة الواحدة قد تدل على معان مختلفة حسب العبارة التي تدخل فيها، فيجب على الباحث ألا يكتفي بملاحظة معاني كل كلمة من الكلمات على وجه الانفراد، بل عليه أن يسعى إلى ملاحظة العبارة التي تتألف من تلك الكلمات بهيأتها المجموعة أيضا.

إن هذه المبادئ والحقائق قد حملت علماء الغرب على أن يضعوا «قواميس لغوية تاريخية»، تسجل وتستعرض جميع المعاني المختلفة التي أخذتها كل كلمة من الكلمات، خلال الأدوار المختلفة من التاريخ، كما أنها اضطرتهم إلى وضع بعض القواميس الخاصة بلغات بعض المؤلفين، تسجل الكلمات التي استعملها، والمعاني التي قصدها منها، في إحدى مؤلفاته أو في جميع كتاباته.

إن دراسة الكلمات وفقا للقواعد الآنفة الذكر، تلعب دورا هاما، وتكتسب خطورة خاصة في أمر «تدوين التاريخ بالاستناد إلى الوثائق القديمة»؛ ذلك لأن سوء تفسير الكلمة الواحدة أو العبارة الواحدة قد يؤدي إلى أغلاط كبيرة جدا.

إن المؤرخ الفرنسي المشهور «فوستل دو كولانج»

Fustel de Coulange

ناپیژندل شوی مخ