دین و وحي او اسلام
الدين والوحي والإسلام
ژانرونه
فمن المعاني التي جرى الأمر على اعتبارها خاصة مميزة لكل ما هو ديني معنى يجعل الدين مرادفا لما وراء العقل، ويعنون بما وراء العقل كل الأشياء التي تسمو عن متناول إدراكنا؛ أي عالم الغيب الذي لا يدرك ولا يعقل
mystère ou inconnaissable ، فالدين هو نوع من الإدراك لما يفوت العلم وينقطع دونه العقل، وممن يرى ذلك الرأي «سبنسر
Spencer » و«ماكس مولر
Max Müller ».
ولا يرضى دوركايم عن هذا التعريف؛ فإن أمر الغيب المتعالي عن العقول هو من غير شك ذو أثر عظيم في بعض الأديان، لكن هذا الأثر يتفاوت في أدوار التاريخ الديني. فقد وجدت عصور تضاءلت فيها هذه الفكرة، وكان التوفيق بين العقائد الدينية وبين العلم والفلسفة غير عسير، كما حصل في أوروبا في القرن السابع عشر مثلا؛ وعلى كل حال: فإن من المحقق أن معنى الغيب الذي لا يعقل ليس فطريا، ولا مركوزا في طبع الإنسان، ولم يظهر في تاريخ الأديان إلا منذ عهد حديث، من أجل ذلك لا نجده في أديان الأمم الساذجة، بل لا نجده في بعض الأديان الراقية، فإذا أخذناه في تعريف الدين خرج من الحد أكثر أفراد المعرف؛ فلم يكن التعريف شاملا كاملا.
ولا يرضى دور كايم كذلك بأن يميز الدين بالخارق للطبيعة كما فعل «برونتيير
Brunetière » فإن تصور الخارق للطبيعة كما نفهمه؛ يستدعي تصور مقابله أي الطبيعي، فما يكون لنا أن نقول في أمر: إنه خارق للطبيعة حتى يكون لنا من قبل شعور بأن للأشياء نظاما طبيعيا، بمعنى أن شئون الكون مرتبطة فيما بينها بروابط ضرورية تسمى «نواميس»، وهذا الشعور هو وليد الأمس، على حين أن الدين أقدم نظام عرفه الإنسان، فلا يعقل إذن أن يكون الدين قد قام على الخارق للطبيعة، ولا أن يكون الخارق للطبيعة هو المميز للدين مما عداه.
وهناك معنى آخر كثر ما حاولوا أن يعرفوا الدين به وهو: الألوهية؛ فالدين في رأي بعضهم هو ضبط الحياة الإنسانية عن طريق الشعور برابطة تصل بين الروح الإنساني وروح غيبي يعترف البشر بسلطانه على العالم كله وعليهم مع شعورهم باتصالهم به.
ويرى دوركايم: أن هذا التعريف ليس بمقبول أيضا، فإنه إذا اعتبرت الألوهية بمعناها الضيق خرجت من التعريف أمور هي دينية بالبداهة، فأرواح الأموات والأرواح الأخر المتعددة الأنواع والمراتب التي يملأ بها الكون الخيال الديني في كثير من الأمم هي دائما موضع لمناسك، بل قد تكون أحيانا موضعا لاحتفالات تعبدية موسمية، وهي على ذلك ليست آلهة بالمعنى الحقيقي.
وقد حاول بعض العلماء أن يجعل هذا التعريف شاملا فوضع عبارة «موجودات روحانية» مكان لفظ «إله»، فالدين على هذا هو: الإيمان بموجودات روحانية، وينبغي أن نفهم من الموجودات الروحانية موجودات دراكة لها قدرة تعلو على قدرة البشر.
ناپیژندل شوی مخ