والضد يظهر محاسنه الضد فمما زعموا من ذلك، أن الشريف الرضي أو أخاه الشريف المرتضى هما أو أحدهما قام بوضعه ونسبته إلى الإمام علي عليه السلام، وزعمهم هذا يكذبه ويرده، أن من سبق الشريف الرضي وأخاه، وبأكثر من مائتي سنة أو أقل ممن سبق ذكرهم وغيرهم قد أوردوا أكثر مما في (نهج البلاغة) في مصنفاتهم، ففي كتاب (البيان والتبيين) للجاحظ الذي توفي قبل ولادة الشريف الرضي وأخيه الشريف المرتضى بأكثر من مائة وخمسين عاما قد ذكر وأورد في كتابه ذلك بعضا مما ورد في كتاب نهج البلاغة، وذكر أن قائله هو الإمام عليعليه السلام، ومثله ذكره المسعودي في كتاب مروج الذهب، وهو أي المسعودي قد توفي قبل ولادة الشريف الرضي(1)، ومن هذا القبيل ما ذكره ابن أبي الحديد رحمه الله في شرح نهج البلاغة 1/205 في شرحه للخطبة الشقشقية قال: (قال مصدق(2): كان ابن الخشاب صاحب دعابة وهزل، قال: فقلت له: أتقول إنها منحولة -أي الخطبة الشقشقية- فقال: لا والله، وإني لأعلم أنها من كلامه كما أعلم أنك مصدق، قال: فقلت له: إن كثيرا من الناس يقولون: إنها من كلام الرضي رحمه الله تعالى، فقال: أنى للرضي ولغير الرضي هذا النفس وهذا الأسلوب، قد وقفنا على رسائل الرضي وعرفنا طريقته وفنه في الكلام المنثور، وما يقع مع هذا الكلام في خل ولا خمر، ثم قال: لقد وقفت على هذه الخطبة في كتب صنفت قبل أن يخلق الرضي بمائتي سنة، ولقد وجدتها مسطورة بخطوط أعرفها وأعرف خطوط من هو من العلماء وأهل الأدب، قبل أن يخلق النقيب أبو أحمد والد الرضي.
مخ ۲۴