زينب :
أكاد لا أصدق يا كمال بك، أتغتبط اليوم بالإسكندرية وقد كنت في مقتبل صباك لا تحتمل المكث بها يوما بعد انتهاء العطلة المدرسية، كانت نصائح والدك في الالتحاق بمدارسها لتكون على مقربة منه تذهب مع الهواء، ألم تقل لي يومئذ إن الإسكندرية كئيبة حزينة مقبضة للصدر؟
كمال :
ذلك عبث الشباب، يكاد المرء لا يعرف حقيقة الأشياء الجميلة في مثل ذلك العمر، لقد كان لأوروبا خيال جذاب في ذهني فطرت إليها كما تطير الفراشة نحو المصباح، ولكنني ما لبثت أن عدت إلى بلادي بنفس متعطشة إلى استنشاق هوائها؛ ذلك لأنني تقدمت في السن فصرت لا أرى بريق ما كنت أراه خلابا.
زينب :
والأجدر أن تقول: إن أوروبا أحرقت جناحي الفراشة.
كمال :
لم تحرقها أوروبا فحسب، لكن ما لنا ولهذا حدثيني عن نفسك، عند أوبتي من أوروبا علمت بخبر اقترانك من شريف بك، وكنتما إذ ذاك في الخرطوم ويلوح لي بأنك تجولت معه كثيرا.
زينب :
نعم، تسعة أعوام، جبنا فيها أرجاء السودان إلى أن أصابني المرض.
ناپیژندل شوی مخ