وَمِثْلُهُ تَمَامًا أَجَازَ لَهُ الحَافِظُ القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ البِرْزَالِيُّ (ت: ٧٣٩ هـ) (^١) في الثَّالِثَةِ أَيْضًا، قَالَ: "أنْبَأَنِي القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ" وَقَالَ: "أَنْبَأَنِي البِرْزَالِيُّ، وَنَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّهِ. . ." وَمَعَ أَنَّهُ نَقَلَ عَنْ "تَارِيْخِهِ" وَ"مُعْجَمِهِ" في مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِهِ لَمْ يُوْرِدْهَا بِصِيْغَةِ التَّحْدِيْثِ أَوِ الإِخْبَارِ أَوِ الإِنْبَاءِ؟! وَهَذَا غَرِيْبٌ.
وَسَيَأْتِي فِي مَبْحَثِ شُيُوْخِهِ أَنَّ كَثِيْرًا مِنْهُم تُوُفِّي وَعُمُرُهُ دُوْنَ العِشْرِيْنَ، وَأَنَّ أَغْلَبَ شُيُوْخِهِ مِنْ شُيُوْخِ وَالِدِهِ الَّذِي كَانَ حَرِيْصًا عَلَى السَّمَاعِ، وَإِسْمَاعِ وَالِدِهِ زَيْنِ الدِّيْنِ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى.
رِحْلَتُهُ فِي طَلَبِ العِلْمِ:
رَحَلَ مَعَ وَالِدِهِ إِلَى "دِمَشْقَ" سَنَةَ (٧٤٤ هـ) (^٢) فَلَقِيَ بَقِيَّةَ المُسْنِدِيْنَ هُنَاكَ وَمِنْهُمْ: شَمْسُ الدِّيْنِ ابنُ الخَبَّازِ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ دَاوُدَ العَطَّارُ، وَابنُ النَّقِيْبِ، وَابْنُ قَيِّمِ الجَوْزِيَّة، وَعَلِيُّ بنُ المُنَجَّى، وَقَرَأَ عَلَيْهِ جُزْءًا فِيْهِ الأَحَادِيْثِ الَّتِي رَوَاهَا مُسْلِمٌ فِي "صَحِيْحِهِ" عَنِ الإِمَامِ أَحْمَدَ. وَيُوْسُفُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ العَفِيْفِ النَّابُلُسِيُّ قَرَأَ عَلَيْهِ بِهَا "سُنَنَ ابنِ مَاجَه" وَغَيْرُهُمْ. ثُمَّ زَارَ "بَيْتَ المَقْدِسِ" وَلَقِيَا مُحَدِّثَهَا خَلِيْلَ بنَ كَيْكَلْدَى صَلَاحَ الدِّيْنِ العَلَائِيَّ (ت: ٧٦٠ هـ) وَدَخَلَا "نَابُلُسَ" فَسَمِعَ بِهَا مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ الحَافِظِ بنِ بَدْرَانَ (ت: ٦٩٨ هـ)، قَالَ الحَافِظُ ابنُ رَجَبٍ في تَرْجَمَتِهِ (^٣): "قُلْتُ: حَدَّثَنَا عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أصْحَابِهِ بـ "دِمَشْقَ" وَ"نَابُلُسَ" وَقَرَأْتُ
_________
(^١) الذَّيْلُ (٣/ ٢٩٤، ٤/ ٤٨).
(^٢) تَارِيْخُ ابنِ قَاضِي شُهْبَةَ (٣/ ١/ ٤٨٨).
(^٣) الذَّيْلُ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ (٤/ ٣٠٥).
المقدمة / 16