صاحب البريد بخبر بقرة ولدت غلامًا، فأنشأ خطبة مفتتحها: الحمد لله خالق الأنام في بطون الأنعام. فجذب الرقعة من يده، وبالغ في إجزاك صفده. وإذا تأملت انقلاب الزمان، وما وقع لي مع فلان، انقلبت الخطبة فصارت: الحمد لله خالق الأنعام في بطون الأنام. وأبدأ بحديث اليهودي موصل كتابك: دخل الحضرة عقب جولة كانت لي مع ابن مخامس - حشر الله كليهما مع صاحبه - فوالله لا أعلم حال من منهما أضعف وأظلم، أحال اليهودي بمضادة الدين، أم حال هذا المسلك - فوافى وقد كشفت عوراته، وما زالت مكشوفة، وعرفت سوآته، وما زالت معروفةً، إخبارًا عنه، وتحذيرًا منه، وإعلامًا بما يستره ذيله، ويشتمل عليه ليله، من قبائح يمليها العار، ويكتبها الليل والنهار.
وفي فصل منها:
وجاء في مقدمة صهر يصهر به جنبه، وفي نكاح ينكح الردى منه قلبه، يمشي مشي من جمع بين المشتري والزهرة، لا مشي من سعى لتركيب حر على كمرة، وأي درةٍ حاول إخراجها من صدفة، ما أشبه النكرة هاهنا بالمعرفة، قبح الله زمانًا يقرب إلى اللئيم حصانًا، وإلى الكريم أتانًا.
وله من أخرى، خاطب بها الفقيه أبا محمد بن حزم أثبت منها بعض الفصول فرارًا من التطويل، وافتتحها ببيتي أبي نواس:
ألا لا أرى مثل امترائي في رسم ... توهمه عيني ويرفضه وهمي