مضى من الشرب وقت، فجاءه رسوله وهو قد بدأ يشرب أيضًا مع نفر من أصحابه فيهم أبو حفص بن برد وغيره.
قال أبو حفص: فلم نرتب بدعائه، وبادر بالركوب نحو عبد الملك، والقضاء قد جد به، فلما وصل إليه أظهر الاستبشار به وأقبل عبد الملك عليه بوجهه وأعلى مجلسه وأخذوا في شأنهم. فلما دارت الكؤوس أخذ عبد الملك في معاتبته والتعرض لما قرف به عنده؛ وعيسى ينزعج من ذلك، ويقلد الكأس ملامته هنالك، إلى أن صرح عبد الملك بما في نفسه، وألقى القدح، وأقبل يسبه ويغلظ له؛ فأحس عيسى بالشر، ورابه نظر القوم إلى العيون، وطفق يعتذر ويحتج في إبطال ما قرف به ويشد القسم على فساده، ويناشده في إراقة الدم، وعبد الملك لا يلتفت إليه، إلى أن اعتلى الكلام وكثر اللجب، فقبض عبد الملك على سيفه من جانب الفراش فصبه على عيسى، وقد قام فزعًا؛ فاستقبل وجهه بضربة، فسقط عيسى ثم أعاد عليه، وشاركه أصحابه بسيوفهم حتى هبروه، وحز رأسه ووضع جانبًا. وأمر عبد الملك أيضًا بقتل صاحبيه ابن خليفة وابن فتح فهبرا بالسيوف، واختلط المجلس، ولحق كثيرًا من أهله دهشة حملت بعض من كان بقربه من الأعاجم إلى أن رمى بنفسه في النهر هربًا من القتل، فطاح في اللجنة. وأمر برفع رأس عيسى بباب