[الصلح بين الإمام وأسد الدين]:
ولما رأى صاحب براش أنه لا طاقة له بمكيدة الإمام -عليه السلام- صور بعضهم لبعض أن صلح الإمام أصلح لهم، ليتخلص صاحب براش من الحصار، وينزل اليمن بصلح ما بينه وبين ابن عمه، ويستخرج أخاه من الاعتقال ويطلعوا باليد الواحدة. وزعموا أن هذه أعظم المكايد واجتمعت كلمتهم على ذلك سرا فكاتبوا الورد بن محمد بن أسعد [بن](1) ناجي، وهو من كبار العرب وأهل الجاه العظيم عند الغز [وغيرهم](2) وكان يظهر أنه من أمير المؤمنين -عليه السلام- وهو من القوم في الباطن، فلما وصل الورد إلى عند الإمام، أكرمه وأعطاه فرسين وعطية سنية وسعى في الصلح وهو يسر حشوا في ارتغا، وتوسط معه غيره فانصرم الأمر بين الإمام -عليه السلام- وبين صاحب براش على شروط -لم أقف على حقيقتها- وأخذت الأيمان والرهائن.
ونزل أسد الدين من براش إلى بين يدي أمير المؤمنين -عليه السلام- لست وعشرين ليلة خلت من شهر رمضان سنة ثماني وأربعين وستمائة، وأنصفه الإمام -عليه السلام- وأحسن مقابلته وأظهر التوبة والرجوع إلى الله تعالى، والامتثال لمراسم أمير المؤمنين، وبايع الإمام -عليه السلام- على أعيان الناس. فلما كان يوم العيد خرج الإمام -عليه السلام- إلى الجبانة المعروفة بصنعاء [فصلى بالناس](3) وخطب خطبتين متضمنتين(4) من [294] عجائب الوعظ والتذكير بالله والحث على طاعة الله والجهاد في سبيله أمرا عظيما. ولم يلبث أسد الدين أن برز وتجهز لنزول اليمن وحرب المظفر، وجهز معه الإمام -عليه السلام- الخيل التي عقد بها معه، وفاء بما وقعت عليه العقود، وأمر له بحصانين من جياد الخيل(5).
مخ ۲۸۰