دولت عثماني د سندر زوی او وروسته
الدولة العثمانية قبل الدستور وبعده
ژانرونه
وإذا كانت كتب الفقه تعد بالألوف، وبين الأئمة خلاف في بعض الأحوال، كان لا بد من توحيد تفسير النصوص ووضع مأخذ سهل يستند إليه في الأحكام؛ فعهد أولا بالنظر في ذلك إلى رهط من صفوة العلماء، ثم ألفت لجنة كان منها جودت باشا ناظر ديوان الأحكام العدلية، وبعض أعضاء ذلك الديوان، وأعضاء شورى الدولة والأوقاف وغيرهم من العلماء، كعلاء الدين ابن عابدين، فنظموا ذلك الكتاب الجليل، وأصدر السلطان عبد العزيز الإرادة السنية بشأنه سنة 1289ه.
ولكنهم كانوا أثناء ذلك العمل وقبله وبعده، يعهدون إلى لجان أخرى بتنظيم القوانين الخاصة، فنشر قانون الأراضي سنة 1274، وقانون الطابو سنة 1275، وقانون الجزا سنة 1274، وقانون التجارة سنة 1288، وكانوا في كل ذلك ينقلون عن القوانين الأوروبية، وخصوصا الفرنسوية ناظرين إلى عدم مخالفة النصوص الشرعية.
ونظروا في سائر ما يقتضيه سير الحضارة، وإلى ما جرت دول أوروبا فيه على قوانين خاصة؛ فوضعوا قانون التابعية العثمانية، وقانون ترتيب المحاكم الشرعية والمحاكم النظامية والمحاكم التجارية، ونظامات الإدارة الملكية ونظام إدارة الولايات ونظام شورى الدولة، ووضعوا نظاما للمعارف ونظاما للمطبوعات ونظامات أخرى للمطابع والطبع وحقوق التأليف والترجمة، ونظاما للرسومات وآخر للمعادن وآخر للطرق والمعابر. والحاصل أنهم لم يكادوا يغادروا شيئا من لوازم إدارة الملك حتى دونوا له قانونا.
فمجموع هذه القوانين والنظامات هو الذي كان معروفا في بلاد الدولة العثمانية باسم الدستور
Code .
ولكن الحكم كان لا يزال مطلقا، وإرادة السلطان فيه فوق كل إرادة؛ ينقض ويثبت ما شاء من الأحكام وليس ثمة قيد.
ففي المدة الوجيزة التي لبث فيها السلطان مراد على سرير الملك، كان مدحت وأنصاره قد انتهوا من إعداد القانون الأساسي وترتيب نظام مجلس «المبعوثان»، فما تولى جلالة السلطان عبد الحميد حتى كانت قوانين الدولة محكمة الوضع والترتيب تضارع، بحسن تنسيقها وإحكام موادها، قوانين أرقى الدول الأوروبية، لا حاجة باقية بها إلا إلى إنفاذ ذلك القانون؛ فبادر جلالته إلى التصديق عليه، فتم للدولة دستور لا يفوقه دستور واستبشر الناس بالإصلاح والفلاح.
على أنه لم يكد ينتظم مجلس «المبعوثان» وينظر في شئون الدولة حتى صدرت الإرادة السنية بفضه؛ فتقوضت كل أركان ذلك البناء، وابتليت الأمة بطور استبداد جديد لم تعهد نظيره حتى في عصور الظلمات.
الدستور والاستبداد
قد كان الدستور - كما تقدم - عبارة عن مجموع القوانين والأحكام التي تعاقب على وضعها رجال الدولة، حتى استجمعت الكلي والجزئي من حقوق الحاكم والمحكوم، ورتبت أصول المحاكمات، وفصلت قواعد القضاء، وعينت جميع ما يضمن إجراء العدل وحفظ الأمن وبسط الحرية واستخراج موارد الثروة، ثم كان من جملة أجزائه القانون الأساسي، الذي ظل دعاة الإصلاح يطالبون بإنفاذه ثلاثين عاما وتزيد.
ناپیژندل شوی مخ